كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا أبو عَوانة (¬١) عن مغيرة عن عامر قال: قال رجل لبلال: من سَبَقَ؟ قال: محمّد، قال: من صلّى؟ قال: أبو بكر، قال: قال الرجل إنّما أعني في الخيل، قال بلال: وأنا إنّما أعنى في الخير.
قال: أخبرنا أبو أسامة حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبى قال: أسلم أبو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف درهم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أُسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كان أبو بكر معروفًا بالتجارة، لقد بُعث النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وعنده أربعون ألف درهم فكان يُعتق منها ويُقوّى المسلمين حتَّى قَدِمَ المدينة بخمسة آلاف درهم ثمّ كان يفعل فيها ما كان يفعل بمكّة.
* * *

ذكر الغار والهجرة إلى المدينة
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال لأبى بكر الصّدّيق: قد أُمِرْتُ بالخروج، يعني الهجرة، فقال أبو بكر: الصّحْبَةَ يا رسول الله، قال: لك الصحبة. قال: فخرجا حتَّى أتيا ثورًا فاختبيا فيه فكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بخبر أهل مكّة باللّيل ثمّ يصبح بين أظهرهم كأنّه بات بها، وكان عامر بن فُهيرة يرعى غنمًا لأبى بكر فكان يريحها عليهما فيشربان من اللبن، وكانت أسماء تجعل لهما طعامًا فتبعث به إليهما فجعلت طعامًا في سُفْرَةٍ فلم تجد شيئًا تربطها به فقطعت نطاقها فربطتها به فسُمّيَت ذات النّطاقَين. قال ثمّ قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: إنى قد أُمِرْتُ بالهجرة (¬٢). وكان لأبى بكر بعير، واشترى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بعيرًا آخر فركب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بعيرًا وركب أبو بكر بعيرًا وركب آخر فيما يعلم حمّادٌ عامرُ ابن فُهيرة بعيرًا، فكان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَثْقُلُ على البعير فيتحَوّل رسول الله على بعير أبى بكر، ويتحوّل أبو بكر إلى بعير عامر بن فُهيرة، ويتحوّل عامر بن فُهيرة
---------------
(¬١) أبو عَوانة: تحرفت في طبعتى إحسان وعطا إلى "أبو عُوانة" (١).
(¬٢) ابن هشام: السيرة ج ٢ ص ٤٨٥.

الصفحة 158