كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

محمّد، وأخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثى قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمّد الدَّراوَرْدِى جميعًا عن شريك بن أبي نمر عن عَطَاء بن يَسَار: أنّ رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، مَرّ على نساء بنى عبد الأشْهل لما فرغ من أُحُد فَسَمعهنّ يبكين على من اسْتُشهد منهم بأُحُد، فقال رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لكنّ حمزة لا بواكى له. فسمعها سعد بن معاذ، فذهب إلى نساء بنى عبد الأشهل فأمرهنّ أن يذهبن إلى باب رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فيبكين على حمزة، فذهبن فبكين فسمع رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، بكاءهنّ، فقال: من هؤلاء؟ فقيل: نساء الأنصار، فخرج إليهنّ فقال: ارجعن، لا بكاء بعد اليوم.
وقال عبد الملك بن عمرو في حديثه عن زهير بن محمّد: وقال بارك الله عليكنّ وعلى أولادكنّ وعلى أولاد أولادكنّ، وقال عبد الله بن مسلمة في حديثه عن عبد العزيز بن محمّد: رحمكنّ الله ورحم أولادكنّ وأولاد أولادكنّ.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: أخبرنا محمّد بن عمرو قال: أخبرنا محمّد بن إبراهيم قال: مَرّ رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، حين انصرف من أُحُد، وبنو عبد الأشهل نساؤهم يبكين على قتلاهم، فقال رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لكنّ حمزة لا بواكى له. فبلغ ذلك سعد بن معاذ، فساق نساءه حتى جاء بهنّ إلى باب المسجد يبكين على حمزة. قالت عائشة: فخرجنا إليهنّ نبكى معهنّ، فنام رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، ونحن نبكى ثم استيقظ فصلّى صلاة العشاء الآخرة، ثم نام ونحن نبكى، ثمّ استيقظ فسمع الصوت فقال: ألا أراهنّ هاهنا إلى الآن؟ قولوا لهنّ فَلْيَرْجِعْنَ، ثمّ دعا لهنّ، لأزواجهنّ ولأولادهنّ، ثمّ أصبح فنهى عن البكاء كَأشَدّ ما نهى عن شئ.
قال: أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فُديك قال: قال أخبرنا محمّد بن أبى حميد عن ابن المنكَدر قال: أقبل رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، من أحُد، فمرّ علي بنى عبد الأشْهل، ونساء الأنصار يبكين على هلكاهُنّ يَنْدُبونهم، فقال رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لكنّ حمزة لا بواكى له، قال فدخل رجال من الأنصار على نسائهم فقالوا: حوّلوا بكاءكنّ ونَدْبكنّ على حمزة، فقام رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فَطال قيامُه يستمع، ثمّ انصرف فقام على المنبر من الغد فَنَهَى عن النياحة كأشدّ ما نَهَى عن شئ قطّ، وقال: كلّ نادبةٍ كاذبة إلّا نادبة حمزة.

الصفحة 16