كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

وكان بدرِيًّا فقال: مِنّا أميرٌ ومنكم أميرٌ فإنّا واللهِ ما نَنْفَسُ هذا الأمرَ عليكم أيّها الرهط ولكنّا نخاف أن يلِيَها، أو قال يَلِيَهُ، أقْوَامٌ قتلنا آباءهم وإخْوَتَهم، قال: فقال له عمر: إذا كان ذلك فمُتْ إن اسْتَطَعْتَ، فتكلّمَ أبو بكر فقال: نحن الأمراءُ وأنتم الوزراء وهذا الأمرُ بيننا وبينكم نصفين كَقَدّ الأُبْلُمَة، يعني الخوصة، فبايَعَ النّاس بَشيرُ بن سعد أبو النعمان، قال: فلمّا اجتمعَ النّاس على أبى بكر قَسَمَ بين النّاس قَسْمًا فَبَعَثَ إلى عَجُوزٍ من بنى عَديّ بن النّجّار بقِسْمِها مع زيد بن ثابت فقالت: ما هذا؟ قال: قِسْمٌ قَسَمَه أبو بكر للنساء، فقالت: أتُراشُونى عن دينى؟ فقالوا: لا، فقالت: أتخافون أن أدَعَ ما أنا عليه؟ فقالوا: لا، قالت: فوالله لا آخُذُ منه شيئًا أبدًا. فرجع زيد إلى أبي بكر فأخبره بما قالت فقال أبو بكر: ونحن لا نأخُذُ ممّا أعطناها شيئًا أبدًا.
قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا هشام بن عروة، قال عُبيد الله أظُنّه عن أبيه، قال: لمّا وَلىَ أبو بكر خَطَبَ النّاسَ فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعدُ أيّها النّاس قد وَليتُ أمْرَكم ولستُ بخيْرِكم وَلكن نَزَلَ القُرآنُ وسنّ النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، السّنَنَ فعَلّمنا فعَلِمْنا، اعْلَموا أنّ أكْيسَ الكيس التّقوى وأنّ أحْمَقَ الحُمْق الفُجور، وأنّ أقواكم عندي الضّعيف حتَّى آخُذَ له بحقّه وأنّ أضعفكم عندي القويّ حتى آخذَ منه الحقّ، أيّها النّاس إنّما أنا مُتّبعٌ ولستُ بمُبْتَدِعٍ، فإنْ أحْسَنْتُ فأعينونى وإلت زُغْتُ فقَوّمونى.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين وشُعيب بن حَرْب قالا: حدثنا مالك بن مِغْوَل عن طَلْحَة بن مصرِّف قال: سألتُ عبد الله بن أبي أوْفى أوْصى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا، قلتُ: فكيف كَتَبَ على النّاس الوصيّة وأمروا بها؟ قال: أوصى بكتاب الله، قال: وقال هُزَيْلٌ (¬١): أكان أبو بكر يَتَأمّرُ على وصيّ رسول الله؟ لَوَدّ أبو بكر أنّه وَجَدَ من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عَقْدًا فَخَزَم أنْفه بخزامَةٍ.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن أبي بكر الهُذلى عن الحسن قال: قال عليّ لمّا قُبض النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، نظرنا في أمرنا فوجدنا النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قد قدّمَ آبا بكر في الصلاة فَرَضينا لدنيانا مَنْ رضىَ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، لديننا فقدّمنا أبا بكر.
---------------
(¬١) في متن ل "هُذَيل" وبالهامش: "هذيل: أظن في الرواية خطأ وأن: المراد "هزيل" أي هزيل بن شرحبيل الأودى الأعمى الكوفى، روى عنه طلحة بن مصرف" وصوابه من: ت، ث.

الصفحة 167