كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)
كان يعمل سيوف المسلمين ويَخْدُمنا فإذا مِتُّ فادْفَعِيه إلى عمر، فلمّا دفعته إلى عمر قال: رحمَ الله أبا بكر لقد أتعَبَ مَنْ بَعْدَه (¬١).
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابيّ قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: أطَفْنا بغرفة أبى بكر الصّدّيق في مَرْضَتِه التي قُبض فيها، قال: فقلنا كيف أصبح أو كيف أمسى خليفة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فاطّلع علينا اطّلاعَةً (¬٢) فقال: ألَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بما أصْنَعُ! قلنا: بلى قدْ رضينا، قال: وكانت عائشة هي تُمَرّضُه، قال فقال: أما إنى قد كنت حريصًا على أن أُوَفّرَ للمسلمين فَيْئَهم مع أنى قد أصبتُ من اللحم واللبن فانظروا إذا رجعتم منّى فانظروا ما كان عندنا فأبْلِغوه عُمَرَ، قال: فذاك حيث عرفوا أنّه استخلفَ عمر، قال: وما كان عنده دينارٌ ولا درهم، ما كان إلا خادم ولقحة ومِحْلَب، فلمّا رأى ذلك عمر يُحْمَلُ إليه قال: يرحم الله أبا بكر لقد أتْعَبَ مَنْ بَعدَه.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا ابن عون عن محمّد قال: توفّى أبو بكر الصّدّيق وعليه ستّة آلاف كان أخذها من بيت المال، فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّ عمرَ لم يَدَعْنى حتَّى أصبتُ، من بيت المال ستة آلاف درهم وإن حائطى الذي بمكان كذا وكذا فيها، فلمّا توفّى ذُكر ذلك لعمر فقال: يرحم الله أبا بكر لقد أحَبّ أن لا يَدَعَ لأحَدٍ بعده مقالًا وأنا والى الأمر من بعده وقد رددتُها عليكم.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن سُمَيّه عن عائشة أنّ أبا بكر قال لها: يا عائشة ما عندي من مال إلّا لِقْحة وقَدَحٌ فإذا أنا مِتّ فاذهبوا بهما إلى عمر، فلمّا مات ذهبوا بهما إلى عمر فقال: يرحم الله أبا بكر لقد أتْعَبَ مَنْ بَعْدَه.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسديّ وقَبيصة بن عُقبة عن سفيان عن السّرِيّ عن عبد خير عن عليّ قال: يرحم الله أبا بكر هو أوّل من جمع اللّوْحَين (¬٣).
---------------
(¬١) عهد الخلفاء الراشدين للذهبى ص ١١٩.
(¬٢) في متن ل "اطلاعه" وبالهامش: الشيخ محمد عبده "اطلاعةً" والصحيح عندي - أي عند ساخاو - اطِّلاعةً" وقد أثبت قراءة ساخاو بالهامش اعتمادا على رواية ث حيث ضبطت فيها الكلمة ضبط قلم هكذا.
(¬٣) عهد الخلفاء الراشدين للذهبى ص ١١٥.
الصفحة 176
592