كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)
لعائشة: إنّه ليس أحدٌ من أهلى أحَبّ إليّ منك وقد كنتُ أقْطَعْتُكِ أرْضًا بالبحرَين ولا أراك رَزَأتِ منها شيئًا، قالت له: أجَلْ، قال: فإذَا أنا مِتّ فابْعَثى بهذه الجارية، وكانت تُرْضعُ ابْنَه، وهاتَين اللِّقْحَتَين وحالبهما إلى عُمَرَ، وكان يسقى لَبَنَهما جُلساءَه، ولم يكن في يده من المال شَئٌ. فلمّا مات أبو بكر بعثت عائشة بالغلام واللقحتين والجارية إلى عمر فقال عمر: يرحم الله أبا بكر لقد أتْعَبَ من بعده. فقَبل اللقحتين والغلام وردّ الجارية عليهم.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: أخبرنا همّام عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّ أبا بكر لمّا حضرته الوفاةُ دعاها فقال: إنّه ليس في أهْلى بعدى أحدٌ أحَبّ إليّ غِنًى منكِ ولا أعزّ عليّ فَقرًا منك وإنّى كنتُ نحلتُك من أرضٍ بالعالية جدادَ، يعني صِرامَ (¬١)، عشرين وسقًا فلو كنتِ جَدَدته تمرًا عامًا واحدًا نْحازَ لكِ وإنّما هو مال الوارث وإنّما هما أخَوَاكِ وأُخْتاك، فقلت: إنّما هي أسماء، فقال: وذات بطنِ ابنةِ خارجة قد أُلقىَ في رُوعى أنّها جارية فاسْتَوصى بها خيرًا. فَوَلَدَتْ أمّ كلثوم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أفْلح بن حُميد عن أبيه قال: كان المال الذي نَحَلَ عائشة بالعالية من أموال بنى النضير بئر حجر كان النّبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، أعطاه ذلك المال فأصلحه بعد ذلك أبو بكر وغرس فيه وَدِيًّا.
قال: أخبرنا أبو سهل نَصْر بن باب عن داود بن أبي هِنْد عن عامر أنّ أبا بكر الصّدّيق لمّا احتُضرَ قال لعائشة: أي بنيّة قد علمت أنّكِ كنتِ أحبّ النّاس إليّ وأعَزّهُ (¬٢) وأنى كنتُ نَحَلْتُكِ أرْضى التي تعلمين بمكان كذا وكذا وأنا أُحِبّ أن تَرُدّيها عَلَيّ فيكون ذلك قسمة بين ولدى على كتاب الله فألْقى ربّى حين ألْقاه ولم أُفضّلْ بعضَ ولدى على بعض.
---------------
(¬١) في متن ل "صَرامَ" وبالهامش: الشيخ محمد عبده "صِرام" وقد آثرت قراءة الشيخ اعتمادا على روايتى ت، ث حيث ضبطت الصاد فيهما بالكسر ضبط قلم.
(¬٢) في طبعة إحسان وعطا والتحرير (وأعزهم) والمثبت من سائر الأصول الخطية.
الصفحة 178
592