كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)
فذُهِبَ (¬١) به قبل أنْ يُسَمّىَ أحَدًا. فكتب عثمان: إنى قد استخلفتُ عليكم عمرَ بن الخطّاب، ثم أفاق أبو بكر فقال: اقْرَأ عَلَيّ ما كَتَبْتَ، فقَرَأ عليه ذِكْرَ عُمَرَ فكَبّرَ أبو بكر وقال: أراك خِفْتَ إنْ أقْبَلَتْ نفسى في غَشْيَتى تلك يَخْتَلِف النّاسُ فجزاك الله عن الإسلام وأهله خيرًا، والله إنْ كنتَ لها لأهْلًا (¬٢).
ثمّ أمره فخرج بالكتاب مختومًا ومعه عمر بن الخطّاب وأُسَيْد بن سعيد القُرَظيّ فقال عثمان للنّاس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، وقال بعضهم: قد عَلِمْنَا به، قال ابن سعد: عليّ القائل وهو عمر، فأقَرّوا بذلك جميعًا ورَضوا به وبايعوا ثمّ دعا أبو بكر عمر خاليًا فأوصاه بما أوصاه به، ثمّ خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه مَدًّا فقال: اللهمّ إنى لم أُرِدْ بذلِك إلّا صلاحَهم وخِفْتُ عليهم الفتنةَ فعملتُ فيهم بما أنت أعْلَمُ به واجتهدتُ لهم رَأى فوَلّيْتُ عليهم خَيْرَهم وأقواهم عليهم وأحرَصهم على ما أرشدهم وقد حَضَرَنى من أمرِكَ ما حضر فاخْلُفنى فيهم فَهُمْ عبادُك ونَوَاصيهم بيدك أصْلِحْ لهم وإليهم واجْعَلْه من خُلفائك الراشدين يَتّبِعْ هُدى نبيّ الرّحْمَةِ وهُدى الصالحين بعده وأصْلِحْ له رَعِيّتَه.
قال: أخبرنا أبو معاوية الضّرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لمّا ثقل أبو بكر قال: أيّ يوم هذا؟ قالت: قلنا يوم الاثنين، قال: فأيّ يومٍ قُبضَ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: قلنا قُبض يومَ الاثنين، قال: فإنى أرجو ما بيني وبَينَ الليل. قالت وكان عليه ثوب فيه رَدْعٌ من مِشْقٍ فقال: إذا أنا مِتّ فاغسلوا ثوبى هذا وضمّوا إليه ثوبَين جديدين وكفّنونى في ثلاثة أثواب، فقلنا: ألا نَجْعَلُها جُدُدًا كلّها؟ قال فقال: لا، إنّما هو للمُهْلَةِ، الحَيّ أحَقّ بالجديد من الميّت. قالت فمات ليلة الثلاثاء، رحمه الله.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة
---------------
(¬١) كذا في متن ل. وبهامشها: الشيخ محمد عبده "فَذَهَب" وقد آثرت قراءة سخاو، اعتمادا على روايتى ت، ث حيث ضبطت فيهما الذال بالضم ضبط قلم.
(¬٢) الذهبي ص ١١٧.
الصفحة 184
592