سعد بن عبادة. ثمّ أدركتُ ابنَه مثل ذلك يدعو به، ولقد كنتُ أمشى في طريق المدينة وأنا شابّ فمرّ عليّ عبد الله بن عمر منطلقًا إلى أرضه بالعالية فقال: يافتى تَعالَ انظر هل ترى على أطم سعد بن عبادة أحدًا ينادى؟ فنظرتُ فقلتُ: لا، فقال: صدقتَ.
أخبرنا أبو أُسامة قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أنّ سعد بن عبادة كان يدعو: اللهمّ هب لى حَمْدًا وهَبْ لى مجْدًا، لا مجدَ إلاّ بفعالٍ ولا فعال إلاّ بمالٍ، اللهمّ لا يُصْلحنى القليلُ ولا أصْلُحُ عليه.
قال محمّد بن عمر: وكان سعد بن عُبادة والمنذر بن عَمرو وأبو دُجانة لما أسلموا يكسرون أصنام بَنى سَاعدة. وشهد سعد العَقَبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعًا وكان أحد النقباء الاثنى عشر فكان سيّدًا جوادًا ولم يشهد بدرًا، كان (¬١) يتهيّأ للخروج إلى بدر ويأتى دورَ الأنصار يحضّهم على الخروج فنُهِش قبل أن يخرج فأقام، فقال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-: لئن كان سعد لم يشهدها لقد كان عليها حريصًا. وروى بعضهم أنّ رسول الله، -صلي الله عليه وسلم-، ضرب له بسهمه وأجره وليس ذلك بمُجْمع عليه ولا ثبت ولم يذكُرْه أحدٌ ممّن يروي المغازى في تسمية من شهد بدرًا، ولكنّه قد شهد أُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها رسول الله، -صلي الله عليه وسلم-.
وكان سعد لما قدم رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، يبعث إليه في كلّ يومٍ جَفْنَةً فيها ثَريد بلحم أو ثريد بلبن أو ثريد بخَلّ وزيت أو بسمن، وأكثر ذلك اللحمُ، فكانت جفنة سعد تدور مع رسول الله، -صلي الله عليه وسلم-، في بيوت أزواجه، وكانت أمّه عمرة بنت مسعي من المبايعات فتُوفّيت بالمدينة ورسول الله، -صلي الله عليه وسلم-، غائب في غزوة دومة الجندل، وكانت في شهر ربيع الأوّل سنة خمسٍ من الهجرة، وكان سعد بن عبادة معه في تلك الغزوة، فلمّا قدم رسول الله، -صلي الله عليه وسلم-، المدينة أتَى قبرها فصلّى عليها (¬٢).
أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: أخبرنا سعيد بن أبى عَروبة عن
---------------
(¬١) كذا في ث، ومثله لدى المزى ج ١٠ ص ٢٧٨ ومختصر ابن منظور ج ٩ ص ٢٣٦ وكلاهما ينقل عن ابن سعد. وفى "ل" والطبعات اللاحقة "وكان".
(¬٢) أورده المزى بسنده ونصه ج ١٠ ص ٢٧٩.