كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول لا يَحِلّ دَمُ امرئ مُسلم إلّا في إحدى ثلاث: رجلٍ كَفَرَ بعد إيمانه أو زَنَى بعد إحصانه أو قتل نفسًا بغير نفس، فوالله ما زنيت في جاهليّة ولا في إسلامٍ قطّ، ولا تَمَنّيْتُ أنّ لي بدينى بَدَلًا مندْ هَدانى الله، ولا قتلتُ نفسًا، ففيمَ يقتلوننى؟ (¬١).
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابى قال: أخبرنا حفص بن أبي بكر قال: أخبرنا هيّاج بن سريع عن مجاهد قال: أشْرَفَ عثمانُ على الذين حاصروه فقال: يا قوم لا تقتلونى فإنى والٍ وأخٌ مسلمٌ، فوالله إنْ أرَدْتُ إلّا الإصْلاح ما استطعتُ أصَبْتُ أو أخْطَأتُ، وإنكم إنْ تقتلونى لا تصَلّون جميعًا أبدًا ولا تغزون جميعًا أبدًا ولا يُقسَمُ فَيؤكُمْ بينكم، قال فلمّا أبَوْا قال: أنْشِدُكم الله هل دَعَوْتُم عند وفاة أمير المؤمنين بما دعوتُم به، وأمْرُكُمْ جَميعًا لم يَتَفَرّقْ وأنتم أهل دينه وحقّه فتقولون إنّ اللَّه لم يُجبْ دَعْوَتَكُمْ أم تقولون هان الدين على الله، أم تقولون إنى أخذتُ هذا الأمرَ بالسيف والغلبة ولم آخُذْه عن مَشْوَرَةٍ (¬٢) من المسلمين، أم تقولون إنّ الله لم يَعْلَمْ من أوّل أمرى شيئًا لم يعلم من آخره؟ فلمّا أبوا قال: اللهمّ أحصهم عَدَدًا واقْتلهم بَدَدًا ولا تُبْق منهم أحَدًا. قال مجاهد فقتل الله منهم من قَتَلَ في الفتنة، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفًا فأباحوا المدينة ثلاثًا يصنعون ما شاءُوا لمداهنتهم.
قال: أخبرنا محمّد ين عمر قال: حدّثني عمرو بن عبد الله بن عَنْبسة بن عمرو بن عثمان قال: حدّثني محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن ابن لبيبة أنّ عثمان بن عفّان لمّا حُصِرَ أشرفَ عليهم من كُوّةٍ في الطَّمار (¬٣) فقال: أفيكم طَلحة؟ قالوا: نعم، قال: أَنْشُدك الله هل تعلم أنّه لمّا آخى رسولُ الله بين المهاجرين والأنصار آخى بيني وبين نفسه؟ فقال طلحة: اللهمّ نعم، فقيل لطلحة في ذلك فقال: نَشَدَنى، وأمْرٌ رأيْتُهُ ألا أشْهَدُ به؟ (¬٤).
قال: أخبرنا محمّد بن يزيد الواسطيّ ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا العَوّام بن حَوْشَب عن حَبيب بن أبي ثابت عن أبي جعفر محمّد بن عليّ قال: بعث عثمان
---------------
(¬١) ابن عساكر: ترجمة عثمان ص ٣٤٩.
(¬٢) المَشْوَرَة: أي المَشُورة.
(¬٣) اسم للمكان المرتفع.
(¬٤) أورده ابن عساكر في تاريخه: ترجمة عثمان ص ٣٤٧.

الصفحة 64