كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

إلى عليّ يدعوه وهو محصور في الدار فأراد أن يأتيَه، فتعلَّقوا به ومنعوه، قال فحلّ عمامةً سوداءَ على رأسه وقال هذا أو قال: اللهمّ لا أرضى قتله ولا آمر به، والله لا أرضى قتله ولا آمر به.
قال: أخبرنا كثير بن هشام عن جعفر بن بُرْقان قال: حدّثني راشد بن كَيْسان أبو فَزارة العبْسيّ أنّ عثمان بعث إلى عليّ وهو محصور في الدار أن ائْتِنى، فقام عليّ ليأتِيَه، فقام بعض أهل عليّ حتَّى حبسه وقال: ألا ترى إلى ما بين يديك من الكتائب؟ لا تَخْلُصُ إليه، وعلى عليّ عمامةٌ سوداءُ فنَقَضَها على رأسه ثمّ رمى بها إلى رسول عثمان وقال: أخْبِرْهُ بالذى قد رأيت. ثمّ خرج عليّ من المسجد حتى انتهى إلى أحجار الزيت (¬١) في سوق المدينة فأتاه قتله فقال: اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دَمِه أن أكون قتلتُ أو مالأتُ على قتله.
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن بُرْقان قال: أخبرنا ميمون بن مِهران قال: لما حوصر عثمان بن عفّان في الدّار بعث رجلًا فقال: سَلْ وانْظر ما يقول النّاس، قال: سمعتُ بعضهم يقول قد حَلّ دَمُه، فقال عثمان: ما يحلّ دمُ امرئٍ مسلم إلا رجل كَفَرَ بعد إيمانه أو زَنَى بعد إحْصَانه أَو قَتَلَ رجلًا فقُتلَ به، قال وأحْسَبُه قال هو أو غيره: أو سَعَى في الأرض فسادًا.
قال: أخبرنا رَوح بن عبادة قال: أخبرنا سعيد بن أبي عَروبة عن يَعْلَى بن حَكيم عن نافع عن ابن عمر قال: لمّا أرادوا أن يقتلوا عثمان أشرف عليهم فقال: عَلامَ تقتلوننى؟ فإنى سمعتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول لا يَحِلّ قتلُ رجلٍ إلا بإحدى ثلاث: رجل كَفر بعد إسلامه فإنّه يُقتل، ورجل زَنَى بعد إحصانه فإنّه يُرجَمُ، ورجل قَتَل رجلًا متعمّدًا فإنّه يُقْتَل.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمّد بن عمرو عن أبيه عن علقمة بن وقّاص قال: قال عمرو بن العاص لعثمان وهو على المنبر: يا عثمان إنّك قد رَكِبْتَ بهذه الأمّة نَهابِيرَ (¬٢) من الأمر فَتُبْ وَلْيتُوبوا معك، قال فحوّل وجهه
---------------
(¬١) أحجار الزيت بالمدينة، موضع كان فيه أحجار علت عليها الطريق فاندفنت.
(¬٢) لدى ابن الأثير في النهاية (نهبر) ومنه حديث عمرو بن العاص "أنه قال لعثمان: ركبتَ بهذه الأمة نَهابيرَ من الأمور فركبوها منك، وملت بهم .. " النهابير: الرمال ويعنى بها أمورا شدادًا صعبة.

الصفحة 65