كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثّنا جعفر بن بُرْقَان قال: حدّثّنا يزيد بن الأصمّ قال: لما كانت أساري بَدرٍ كان فيهم العبّاس عمّ رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، فسهر النبيّ، -صلى الله عليه وسلم-، ليلتَه فقال له بعض أصحابه: ما أسهرك يا نبيّ الله؟ فقال: أنينُ العبّاس.
فقام رجل فأرخى من وِثاقه فقال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، ما لي لا أسمع أنين العبّاس؟ فقال رجل من القوم: إني أرخيتُ من وثاقه شيئًا، قال: فافعل ذلك بالأسارى كلهم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثّنا محمّد بن صالح عن عاصم بن عمر ابن قَتادة عن محمود بن لبيد قال: كان العبّاس بن عبد المطّلب حين قُدِمَ به في الأسارى طُلِبَ له قميص فما وجدوا له قميصًا بِيَثْرِبَ يُقْدَرُ عليه إلا قميص عبد الله ابن أُبَيّ ألبسه إياه فكان عليه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثّنا سفيان بن عُيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: لمّا أُسر العبّاس لم يوجد له قميص يُقدر عليه إلّا قميص ابن أُبَيّ.
قال: أخبرنا رُوَيْم بن يزيد المقرئ قال: أخبرنا هارون بن أبي عيسي، وأخبرنا أحمد بن محمّد بن أيّوب قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد جميعًا عن محمّد بن إسحاق قال: قال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، للعبّاس بن عبد المطّلب حين انتُهىَ به إلى المدينة: يا عبّاس افْدِ نفسك وابن أخيك عَقِيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفَك عُتبة بن عمرو بن جَحْدَم أخا بني الحارث بن فهر فإنّك ذو مال. قال: يا رسول الله إني كنتُ مُسْلِمًا ولكن القوم استكرهوني. قال: الله أعلم بإسلامك، إن يكُ ما تذكر حقًّا فالله يَجزيك به، فأمّا ظاهر أمرك فقد كان علينا، فافْدِ نفسك. وكان رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، قد أخذ منه عشرين أُوقيَّةً من ذهبٍ فقال العبّاس: يا رسولَ الله احسبها لي من فدايَ. قال: لا، ذاك شيء أعطاناه الله منك، قال: فإنّه ليس لى مال، قال: فأين المال الذي وضعتَ بمكّة حينَ خرجْتَ، عند أمّ الفضل بنت الحارث ليس معكما أحدٌ (¬١) ثمّ قلْتَ لها إن أُصِبُت في سفري هذا فللفضل كذا وكذا ولعبد الله كذا وكذا؟ قال: والذي بعثك بالحقّ ما علم
---------------
(¬١) وكذا أورده ابن عساكر بنصه نقلًا عن ابن سعد. وعبارة ابن منظور في المختصر "فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلت لها: إن أصبت .... ".

الصفحة 12