كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

بهذا أحد غيرى وغيرها وإنّى لأعلم أنّك رسول الله. ففَدى العبّاسُ نفسَه وابنَ أخِيه وحليفه (¬١).
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبى أويس قال: حدّثنى إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة بن أخي موسى بن عقبة عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: قال رجل من الأنصار لرسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، : ائْذَنْ لنا فَلْنَترك لابن أخينا العبّاس بن عبد المطّلب فِداه، فقال: لا ولا درهمًا.
قال: أخبرنا عليّ بن عيسى النوفلي عن أبيه عن عمّه إسحاق بن عبد الله عن عبد الله بن الحارث قال: فدى العبّاس نفسَه وابنَ أخيه عَقيلًا بثمانين أوقيّة ذهب، ويقال ألف دينار. قالوا: وخرج العبّاس إلى مكّة فبعث بفدائه وفداء ابن أخيه ولم يبعث بفداء حليفه فدعا رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، حسّان بن ثابت فأخبره ورجع أبو رافع فكان رسولَ العبّاس بفدائه فقال له العبّاس: ما قال لك؟ فقصّ عليه الأمرَ فقال: وأىّ قول أشدّ من هذا؟ احمل الباقي قبل أن تحُطّ رحلَك، فحمله ففداهم العبّاسُ.
قال: أخبرنا محمّد بن كَثير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قول الله، عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة الأنفال: ٧٠]، نزلت في الأسرى يومَ بدر، منهم العبّاس بن عبد المطّلب ونوفل بن الحارث وعَقِيل بن أبي طالب. وكان العبّاس [قد] (¬٢) أُسر يومئذ ومعه عشرون أوقيّة من ذهب. قال أبو صالح مولى أمّ هانيء: فسمعتُ العباس يقول فأُخذَتْ منّى فكلَّمتُ رسولَ الله أن يجعلها من فِداىَ فأبَى عليّ، فأعقبني الله مكانها عشرين عبْدًا كلّهم يُضْرَبُ بمالٍ مكان عشرين أوقيّة، وأعطاني زمزم وما أحبّ أنّ لى بها جميعَ أموال أهل مكّة، وأنا أرجو المغفرة من ربّي، وكلّفني رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، فدى عَقيل بن أبي طالب فقلتُ: يا رسول الله تركتني أسْأل الناس ما بقيتُ، فقال لي: فأين الذهب يا عبّاس؟ فقلتُ: أي ذهب؟ قال: الذي
---------------
(¬١) تاريخ ابن عساكر ص ١١٨، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٨١.
(¬٢) من ابن عساكر ومكانها في المطبوع "من". وعبارة ث "وكان العباس أسر يومئذ".

الصفحة 13