كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

فدعا النبيّ، -صلى الله عليه وسلم-، عبّاسًا فقال: اقسم مالَ هاشم على كبراء بَنى هاشم، ودعا أبا سفيان بن حرب فقال: اقسم مال عبد شمس على كبراء ولد عبد شمس.
قال: أخبرنا عليّ بن عيسى بن عبد الله النوفليّ عن إسحاق بن الفضل عن سليمان بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنّ العبّاس بن عبد المطّلب ونوفل بن الحارث لما قدما المدينة على رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، مهاجرين آخى بينهما وأقطعهما جميعًا بالمدينة فى موضع واحد وفرع بينهما بحائط فكانا متجاورين فى موضع وكانا شريكين في الجاهليّة متفاوِضَينِ في المال متحابّين متصافيين، وكانت دار نوفل التي أقطعه إيّاها رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، في موضع رَحبَة القضاء وما يليها إلى المسجد مسجد رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، وهي اليوم رَحبَة القضاء وهي تقابل دارَ الإمارة التي يقال لها اليوم دار مروان (¬١). وكانت دار العبّاس بن عبد المطّلب التي أقطعه رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، حَديدَها وهي التي في دار مروان إلى المسجد مسجد رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، وهي دار الإمارة التي يقال لها اليوم دار مروان. وأقطع العبّاسَ أيضًا دارَه الأخرى التي بالسوق في الموضع الذي يُسمّي مجزرة (¬٢) ابن عبّاس.
قال: أخبرنا أسباط بن محمّد عن هشام بن سعد عن عبيد الله بن عبّاس قال: كان للعبّاس ميزاب على طريق عمر فلبس عمر ثيابه يومَ الجمعة وقد كان ذُبِحَ للعبَّاس فَرْخَانِ، فلمّا وافي الميزاب صُبّ فيه ماءٌ فيه من دم الفرخَين فأصاب عمر فأمرَ عمر بقلعه، ثمّ رجع عمر فطرح ثيابَه ولبس غيرَها ثمّ جاء فصلَّي بالناس، فأتاه العبّاس فقال: والله إنّه للموضع الذي وضعه رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر للعبّاس: فأنا أعزم عليك لِمَا أصْعدتَ على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، ففعل ذلك العبّاس (¬٣).
قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة الكلابيّ وعبيد الله بن موسى العبسيّ قالا: حدّثنا موسي بن عُبيدة عن يعقوب بن زيد أنّ عمر بن الخطّاب خرج في يوم جمعة وقطر عليه ميزابُ العبّاس، وكان على طريق عمر إلى المسجد، فقلعه عمر فقال له:
---------------
(¬١) راجع المغانم المطابة في معالم طابة ص ١٣٨.
(¬٢) في طبعة ليدن والطبعات اللاحقة "مُحْرِزَة" والمثبت رواية ث، ومختصر ابن منظور ج ١٥ ص ٣٢٣.
(¬٣) ابن عساكر في تاريخه ص ١٩١، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٩٦.

الصفحة 18