كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

فأمسك الناس عنها قال يزيد: للحَزْن الذى هم فيه، فقال العبّاس بن عبد المطّلب: أيّها الناس إنّ رسولَ الله، -صلى الله عليه وسلم-، قد مات فأكلنا بعده وشربنا، ومات أبو بكر فأكلنا بعده وشربنا. قال عفّان وسليمان: وإنّه لا بُدّ من الأجَل فكُلوا من هذا الطعام. ثمّ مدّ العبّاس يده فأكل، ومدّ النّاس أيديَهم فأكلوا، فعرفتُ قولَ عمرَ إنّهم رءوس الناس (¬١).
قال: أخبرنا المُعلّى بن أسد قال: حدّثنا وهيب عن داود بن أبى هند عن عامر أنّ العبّاس تَحَفّى (¬٢) عمرَ فى بعض الأمر فقال له: يا أمير المؤمنين، أرأيتَ أن لو جاءك عمّ موسى مُسْلِمًا ما كُنْتَ صانعًا به؟ قال: كنتُ والله مُحْسنًا إليه، قال: فأنا عمّ محمّد النبيّ، -صلى الله عليه وسلم-، قال: وما رَابَكَ (¬٣) يا أبا الفضل؟ فوالله لأبوك أحبّ إلىّ من أبى، قال: آلله؟ قال: آلله (¬٤)، لأنّى كنتُ أعلم أنّه أحبّ إلى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، من أبى فأنا أُوثرُ حُبّ رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، على حُبّى (¬٥).
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن علىّ بن زيد عن الحسن قال: بَقىَ فى بيت مال عمر شئ بعدما قُسِمَ بين الناس فقال العبّاس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عمّ موسى أكنتم تُكرِمونه؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أحقّ به، أنا عمّ نبيّكم، -صلى الله عليه وسلم-. فكلّم عمرُ الناسَ فأعطوه تلك البقيّة التى بقيت (¬٦).
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا زُهير بن معاوية عن لَيْث قال: حدّثنى مجاهد عن عليّ بن عبد الله بن عبّاس قال: أعتق العبّاس عند موته سبعين مملوكًا (¬٧).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا خالد بن القاسم البياضي قال: أخبرنى شُعْبة مولى ابن عبّاس قال: سمعتُ ابن عبّاس يقول: كان العبّاس معتدل القناة وكان يُخْبِرنا عن عبد المطّلب أَنّه مات وهو أعدل قناة منه.
---------------
(¬١) تاريخ ابن عساكر ص ١٩٨.
(¬٢) تحفى عمر: سأل عمر وهو يظهر المحبة والبر.
(¬٣) فى متن ل "وما رأيُكَ" وبهامشها: قراءة دى خويه "ما رَابَك" وقد آثرت قراءته اعتمادا على رواية ث.
(¬٤) فى طبعة ليدن "قال: الله الله لأنى ... " والمثبت رواية ث.
(¬٥) تاريخ ابن عساكر ص ١٩١.
(¬٦) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٩٥.
(¬٧) المصدر السابق.

الصفحة 27