قال محمد بن عُمر: وكان ابنُه حنظلة بن أبي عامر من خيار المسلمين وأهل النِّيّة، وَآخَى رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، بين حنظلة بن أبي عامر وشمّاس بن عثمان بن الشَّريد المخزومى، وكان لحنظلةَ من الوَلَدِ: عبدُ الله قُتِلَ يوم الحَرَّة، وأُّمُّه جميلة بنت عبد الله بن أبَيّ بن سَلُول من بَلحُبْلَى.
أخبرنا عفّانُ بن مسلم قال حدثنا حمّادُ بن سَلمةَ عن هشام بن عُروةَ عن أبيه أن حنظلةَ بن أبي عامر الراهِبَ، قال: يا رسولَ الله أقتُل أبي؟ قال: لا تقتُلْ أباك.
قال وقال محمد بن عُمر بإسناده (¬١): وكان حنظلةُ بن أبي عامر تَزوّج جَمِيلَةَ بنتَ عبد الله بن أُبىّ بن سَلول فأُدخِلَت عليه في الليلة التى في صَبيحتها كان قتالُ أُحد، وكان قد استأذن رسولَ الله، -صلى الله عليه وسلم-، أن يبيتَ عندها فَأَذِن له، فلما صلّى الصبح غدا يُريدُ النبيَّ، -صلى الله عليه وسلم-، بأُحد، ولَزِمته جميلةُ فعاد فأجنَبَ منها ثم أراد الخروجَ، وقد أرسَلتْ قَبلَ ذلك إلى أربعة من قَومِها فأشهَدَتهم أنه قد دخل بها، فقِيل لها بَعْدُ: لِمَ أشهدتِ عليه؟ قالت: رأيت: كأنّ السماءَ فُرِجَتْ له فَدَخَلَ فيها ثم أطبِقَتْ عليه، فقلتُ: هذه الشهادةُ! فأشهدتْ عليه أنه قد دخل بها وتَعلق بعبد الله بن حنظلة، ثم تزوجها ثابتُ بن قيس بن شماس بَعد، فتَلدُ محمدَ (¬٢) بن ثابت بن قيس بن شماس.
وأخذ حنظلةُ بن أبي عامر سلاحَه فلحق برسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، بأُحُدٍ وهو يُسَوِّى الصفوفَ. فلما انكشف المشركون اعترض حنظلةُ بن أبي عامر لأبى سفيان ابن حرب فَضَرَبَ عُرْقُوب فرسهِ فاكتَسعَتِ الفرسُ، ويقَعُ أبو سفيانَ إلى الأرضَ (¬٣)، فجعل يَصيحُ: يا معشرَ قريش، أنا أبو سفيانَ بن حرب! وحنظلةُ يريد ذَبْحَه بالسيف، فأسمع الصوت رجالًا لا يلتفتون إليه من الهزيمة حتى عاينه الأسودُ بن شَعُوب، فَحَمَلَ عَلَى حَنْظَلَةَ بالرمح فأنفذه، فمشى حنظلةُ إليه بالرمح (¬٤) وقد أثبته، ثم ضربه الثانيةَ فقتله. وهرب أبو سفيان يَعدُو عَلَى قدميه فلحق ببعض قريش، فنزل عن صدر فرسه ورَدِف وراءَ أبي سفيان.
---------------
(¬١) الخبر بطوله في مغازي الواقدى ج ١ ص ٢٧٣.
(¬٢) في مغازي الواقدى الذى ينقل عنه المصنف "فولدت له محمد بن ... ".
(¬٣) في الأصل "ويقع أبو سفيان الأرضَ" والمثبت لدى الواقدى الذى ينقل عنه المصنف.
(¬٤) في الأصل: في الرمح. والمثبت عن الواقدى.