ولما قُتل حنظلةُ مرّ عليه أبوه، وهو إلى جنب حمزةَ بن عبد المطلب وعبدِ الله ابن جَحش، فقال: إن كنتُ لأُحذِّرك هذا الرجل من قبل هذا المصرع، والله إن كنتَ لبَرًّا بالوالد، شريفَ الخُلق في حياتك، وإنّ مماتَك لمعٍ سراة أصحابك وأشرافهم، وإن جزى اللُّه هذا القتيلَ -لحمزةَ- خيرًا، أو أحدًا من أصحاب محمد، فجزاكَ اللُّه خيرًا. ثم نادَى: يا معشَرَ قريش، حنظلةُ لا يُمَثَّل به فإنه وإن كان قد خالفَنى وخالفَكم، فلم يَأْلُ لنفسه فيما يَرى خيرًا، فَمُثِّل بالناس وتُرِك فلم يُمثَّل به.
وكانت هند بنت عُتبة أول من مَثَّلَ بأصحاب النبي، -صلى الله عليه وسلم-، ولما قُتِل حنظلةُ ابن أبي عامر نادَى أبو سفيان بن حرب، حَنْظَلَةُ بحنظلةَ، يعنى قتلنا حنظلةَ بن أبي عامر بحنظلةَ بن أبي سفيان، وكان قُتل يوم بدر كافرًا، وقال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-: إنى رأيتُ الملائكة تُغَسِّل حنظلةَ بن أبي عامر بين السماء والأرض بماءِ المُزْن في صِحَافِ الفضَّة. قال أبو أُسَيد السَّاعِديّ: فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسُه يقطُر ماءً، فرجعتُ إلى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرتُه، فأرسلَ إلى امرأتِه فسألها، فأخبرتْه أنه خرج وهو جُنبٌ (¬١) فَوَلَدُه يُقال لهم: بنو غَسِيل الملائكة.
أخبرنا الفضل بن دُكين، قال: حدّثنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي، قال: قُتل حنظلةُ بن الراهب يوم أُحُدٍ، وهو الذى طَهّرته الملائكة.
* * *
٥٧٣ - وأخوه: صَيفِى بن أبي عامر
ابن صيفى بن النعمان بن مالك بن ضُبَيعة، وأمه عُميرةُ بنت الحارث من بنى واقف من الأوس، شَهدَ أُحدًا مع أخيه حنظلة بن أبي عامر، وتوفى وليس له عَقِب.
* * *
---------------
(¬١) هنا آخر الخبر المنقول عن الواقدى.
٥٧٣ - من مصادر ترجمته: الإصابة ج ٣ ص ٤٥٣.