-صلى الله عليه وسلم-، من رجل تَمرًا فلم يُقرِضه وقال لو كان هذا نَبيًا لم يَستقرض فأرسل إلى ابن الدحداحة فاستَقرضَهُ فقال والله لأنت أحق بى وبمالى وولدى من نفسى وإنما هو مالُك فخذ منه ما شئتَ واترك لنا ما شِئتَ فما تَركتَ فَكَثُر خيرُ الله فلما توفى ابن الدَّحداح قال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-: رُبّ عَذْقٍ لابن الدحداح في الجنة.
أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا خَلَفُ بن خليفة، عن حُميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما نزلت {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [سورة البقرة: ٢٤٥] قال أبو الدحداح: يا رسول الله، وإنّ الله ليريدُ منا القرضَ؟ قال: نَعم. قال: أرِنى يدَك، فناولَهُ رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنى قد أقرضت ربى حائطى، قال: وفي حائطه ستمائة نخلة. ثم جاء إلى الحائط فقال يا أم الدحداحِ، قالت: لبّيكَ، قال لها: اخرجى فإنى قد أقرضتُه ربّى، قال محمد بن عمر (¬١): وإنما في روايتنا فإن يتيمًا من الأنصار خاصَم أبا لُبَابةَ بن عَبد المنذر في عَذْقٍ بينهما إلى رسول الله وذلك قبلَ أُحُد، فقضى به رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، لأبى لبابة فجزع اليتيمُ على العَذْقِ وطَلبَ رسولُ الله، -صلى الله عليه وسلم-، العَذْقَ من أبي لبابة لليتيم فأبَى أبو لبابة فقال لك به عَذْقٌ في الجنة، فأبَى أبو لبابة، فقال ابن الدحداحة يا رسولَ الله، أفرأيتَ إن أعطيتُ اليتيمَ عَذْقَه، مالى؟ قال: عَذْقٌ في الجنة، قال: فذهب ثابت بن الدَّحداحة فاشترى من أبي لبابة بن عبد المنذر ذلك العَذْقَ بحديقة نخل ثم رَدَّ على الغلام العَذْقَ فقال رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-: رُبَّ عَذْقٍ مُذَلَّلٍ لابن الدحداحة في الجنة فكانت تُرجى له الشهادة لقول النبي، -صلى الله عليه وسلم- حتى قُتِل يوم أحد.
أخبرنا محمد بن عُمر (١) قال: حدّثنى عبد الله بن عَمّار عن الحارث بن الفُضَيل الخَطْمىّ (¬٢)، قال: أقبلَ ثابتُ بن الدّحداحة يوم أُحُدٍ والمسلمون أوزاعٌ، قد سُقِطَ في أيديهم، فجعل يَصِيحُ: يا معشرَ الأنصار، إلىَّ! إلىَّ! أنا ثابت بن الدَّحْداحة، إن كان محمد قد قُتِل فإن الله حَىٌّ لا يموت! فقاتِلوا عن دينكم،
---------------
(¬١) في المغازي ج ١ ص ٢٨١.
(¬٢) حدثنى عبد الله بن عَمّار، عن الحارث بن الفُضَيل الخَطْمىّ: تحرف في الأصل إلى "حدثنى عبد الله بن عمار الخطمي". وصوابه عن الواقدى.