كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

عُمرَ في أول سنةٍ، ثمانون ألف ألف درهم، ثم حُمِلَ من قابل عشرون ومائة ألف ألف درهم، فلم يزل على ذلك (*).
أخبرنا محمد بن الفُضَيل بن غَزوان قال حدثنا حُصينُ بن عبد الرحمن، عَن عَمرو بن مَيمُون، قال: جئتُ فإذا عُمر بن الخطاب واقِفٌ على حُذيفةَ بن اليَمان وعثمان بن حُنيف وهو يقول: تخافان أن تكونا حمّلتُما الأرضَ ما لا تُطِيق! فقال عثمان: لو شئتُ لأضعفتُ أرضى، وقال حذيفةُ لقد حَمّلتُ الأرض أمرًا هي له مُطِيقَة وما فيها كَبِيرُ فَضْلٍ، فجعل يقول: انظُرَا ما لديكما أن تكونا حَمّلتما الأرض ما لا تُطيق. ثم قال: والله لئن سَلّمنى الله لأدعَنَّ أراملَ العراقِ لا يَحتَجنَ إلى أحد بعدى أبدا، قال: فما أَتَت عليه رَابعَةٌ حتى أصِيبَ (¬١).
رَجَعَ الحديثُ إلى الأول قال: ولما خرج عبدُ الله بن عامر بن كُرَيز من البصرة وَقُتل عثمانُ بن عفان رحمه الله، بَعَثَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه عُثمانَ بن حُنيف واليًا على البصرة فَقَدِمها، فلم يزل بها حتى قَدم عليه طلحةُ والزبيرُ فقاتَلهما ومعه حكيم بن جَبلة العَبدى، ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابًا بالموادَعَةِ بالعهود والمواثيق على أن يرجع الناس إلى مَنازلهم ولا يعرض لأحد، وعَلَى أن دَارَ الإمارة والمسجدَ وبيتَ المال إلى عثمان بن حُنيف، وينزل طلحةُ والزبير وعائشةُ حيث شاءوا من البصرة حتى يَقدِم علي بن أبي طالب.
فمكثوا على ذلك ما شاء الله ثم كانت ليلة ظلماء ذات ريح وغَيم، فأقبل أصحابُ طلحة والزبير فقتلوا السَّيابجة الذين كانوا يحرسون عثمان بن حُنيف، ثم دخلوا على عثمان فنتفوا لحيتَه وحاجِبَيه وأشفارَ عينيه، وقالوا: لولا العهدُ لقتلناك، فقال عثمان: سهلُ بن حُنيف والٍ لعلي بن أبي طالب على المدينة، والله لو قتلتمونى لم يَدع بالمدينة أسَدِيًّا ولا تَيمِيًّا إلا قتلَهُ، فجعلوه في بيتٍ ثَمَّ، ثُمّ قالا: أين بيت المال؟ فَدُلَّا عليه، ولم يَزل طلحةُ والزبير بالبصرة حتى قدِم عليّ وكان من أمرِ الجمل ما كان، وتخلّص عثمانُ بن حُنيف، فلما رحل عليّ عن البصرة استعمل عليها عبدَ الله بن عباس، وكان عثمانُ بن حُنيف يكنى أبا عبد الله، وتوفى في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وله عقب (¬٢).
---------------
(¬١) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٢١
(¬٢) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٢٢

الصفحة 306