كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

(* أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن الحارث بن الفُضيل الخطمى، عن أبيه، أن عَصْماءَ بنت مروان من بني أمية بن زيد، كانت تحت يَزِيد بن زَيْد بن حِصْن الخَطْميّ، فكانت تُؤْذى النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، وتُحَرِّض عليه، وتَعِيبُ الإسلامَ، وقالت في ذلك شعرًا. وكان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، غائبا ببدر، فنذر عُمير بن عدى إن الله ردّ رسولَه سالما أن يَقتُل عصماءَ بنت مروان، فلما رجع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من بدر، أَنَى (¬١) عُمير فما جوف الليل حتى قتلها، ثم أَتَى النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، وقال: يا رسول الله، هل تخشَى عَلَيَّ في قتلها شيئا؟ فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: لا يَنتطح فيها عَنْزان (¬٢)، فكانت هذه الكلمة أول ما سُمِعَتْ من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا أحْببتم أن تنظروا إلى رجل نَصَر الله ورسولَه بالغيب، فانظروا إلى غمَير بن عَديّ: فقال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تَشدد (¬٣) في طاعة الله، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لا تقل له أعمى ولكنه البصير! قال عبد الله بن الحارث: وكان قتلها لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مرجع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من بدر *).
ولم يشهد عُمَير بن عَدِى بدرًا ولا أُحدًا ولا الخندقَ لِضُرِّ بَصَرِه، ولكنه كان قديم الإسلام صحيح النِّيَّةِ فيه يَغضبُ لله ولرسوله.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، قال: نظر النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، إلى عُمَير بن عَدِى بن خَرَشَةَ يتوضأ وكان أعمى، فجعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: بَطنَ القدم ولا يسمعه الأعمى حتى غَسَل بَطنَ القدم، فسُمّى البَصيرُ بهذا.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عُبيد بن يحيى، عن الحارث بن الفُضَيل، قال: كان عُمير بن عدِيّ بن خَرَشَةَ الخطمى يُؤَذِّن لقومه ويُؤُمُّهم وهو أعمى.
أخبرنا سفيان بن عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو، عن محمد بن جبير بن مُطعم، أن
---------------
(* - *) أورده الواقدي في الغازى ص ١٧٢ - ١٧٤
(¬١) أنى: انتظر وتربص (النهاية).
(¬٢) أي أن شأن قتلها هين، لا يكون فيه طلب ثأر ولا اختلاف.
(¬٣) في الأصل "تَشرّى" وقد اتبعت ما ورد بمغازى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف.

الصفحة 317