كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

أصواتنا فوق صَوْتِك وأنا رجل رفيع الصوت. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: يا ثابت أما تَرضَى أن تَعِيش حَمِيدًا! وتُقتل شَهيدًا وتدخل الجنة (¬١)؟
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأَسَدى قال: أخبرنا أيوبُ عن عكرِمةَ قال: لما نَزَلَتْ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [سورة الحجرات: ٢] قال ثابت بن قيس بن شماس: فأنا كنت أرفع صوتى فوق صوت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأَجَهرُ له بالقول، فأنا من أهل النار، فقعد في بيته، فتفقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنه، فقال رجل: يا رسول الله إنه لجارى، فإن شئت لأعلمَنّ لك علمَه، فقال: نعم: فأتاه فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تَفَقَّدك وسأل عنك فقال: نزلت هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} فأنا كنت أرفع صوتى فوق صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجهر له بالقول، فأنا من أهل النار، فرجع إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فقال: بل هو من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة انهزم المسلمون فقال ثابت: أُفٍّ لهؤلاء ولما يعبدون! وأُفٍّ لهؤلاء وما يصنعون! يا معشر الأنصار! خَلُّوا سَنَنى لعلى أصلى بحَرِّها ساعة. قال ورجل قائم على ثُلمَةٍ فَقَتله وقتِل (¬٢).
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب عن ثُمامةَ بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال: أتيتُ عَلَى ثابت بن قيس يوم اليمامة وهو يتَحنَّط فقلت: أي عَمِّ، ألا تَرى ما لَقِي الناسُ! فقال: الآن يابن أخى، الآن يابن أخى (¬٣).
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا ابن عون، قال: حدثنا موسى بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: لما كان يومُ اليمامة جئتُ إلى ثابت بن قيس بن شماس وهو يتَحنَّط قال: وأومأ بيده، قال فقلت: يا عَمّ ألا ترى ما يلقى الناس؟ فقال: الآن. يابنَ أخى! ثم أقبل، فقال: هكذا عن وجوهنا نُقارِع
---------------
(¬١) انظره لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء، ج ١ ص ٣٠٩ - ٣١٠.
(¬٢) انظره لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣١٠.
(¬٣) انظره لدى الذهبي في السيرج ١ ص ٣١١.

الصفحة 344