كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

ذلك اختلاف. ويقول الكوفيون في روايتهم: أبو مسعُود البدرى، وليس ذلك بثَبتٍ، ولكنه قد شهد أُحدًا وما بعد ذلك من المشاهد (¬١).
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسى، عن شعبَة، قال: أخبرني الحكم، أن أبا مسعود كان بدريًّا. قال شعبةُ: فذكرته لسعد بن إبراهيم فقال: ما كان بدريا.
وقال محمد بن عُمَر، وسعد بن إبراهيم وغيره من رواة العلم والسيرة من أهل المدينة: أعلم بذلك من الحكم وغيره من أهل الكوفة.
أخبرنا سليمان بن حربٍ، قال: حدثنا حمّادُ بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا يُشَبِّهُونَ تجاليدَ (¬٢) آبى مسعودِ بتجاليد عمر.
أخبرنا سليمانُ بن حربٍ، قال: حدثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ. وهشامُ بن حسان، عن محمد بن سيرينَ، قال: قال أبو مسعود: كنتُ عزيزَ النفسِ، وحَمِيَّ الأنف، لا يَسْتَغِلُّ (¬٣) مِنِّي أحد شيئا سُلطانٌ ولا غيرهُ، فأصبح أُمَرَائى يُخَيِّرُوننى بين أن أُقيمَ على ما أَرغَم (¬٤) أنفى وَقَبَّحَ وجهى، وبين أن آخذ سيفى فأَضرِبَ به، فأدخُلَ النَّار، فأنا أختَارُ أن أقيم على ما أرغم أنفى وقبّح وجهى ولا آخذُ سيفى فأضرب به فأدخل النار (¬٥).
وأخبرنا عارمُ بن الفضل، قال: حدثنا حمادُ بن زيد، عن مُجالد بن سعيد، عن عامر الشَّعبيّ، قال: لما خرج علي بن طالب إلى صِفّين استخلف أبا مسعود الأنصاري على الكوفةِ، وكانَ رجالٌ من أهل الكوفةِ قد اسْتَخْفَوا، فلما خَرَجَ عليّ ظهَرُوا، فكانَ ناسٌ يأتونَ أبا مسعود فيقولون: قد والله أهلَكَ الله أعداءهُ وأظهَر أميرَ المؤمنينَ، فيقول أبو مسعود: إنّى والله ما أعدّهُ ظفرًا ولا عافيةً أن تظهر إحدى الطائِفتَين على الأخرى. قالوا: فمَهْ؟ قالَ: يكونُ بين القومِ صُلح. قال: فلما
---------------
(¬١) انظره لدى ابن حجر في الإصابة ج ٤ ص ٥٢٤.
(¬٢) أجلاد الإنسان وتجاليدهُ: جماعة شخصه أو جسمه. القاموس (ج ل د).
(¬٣) في الأصل "لا يستفل" والمثبت عن ابن عساكر في تاريخه والذهبى في سير أعلام النبلاء.
(¬٤) في الأصل "على أرغم أنفى" والمثبت لدى ابن عساكر والذهبى في السير.
(¬٥) أخرجه ابن عساكر في تاريخه والذهبى في السير.

الصفحة 361