وقال عَمْرو بن الجَمُوح أيضًا:
أَتُوبُ إلى الله مما مَضَى ... وأستنقذُ الله من نارِهِ
وأحمد ربى بآلائِه ... إله الحرامِ وأحجارِهِ
فسبحانه عدد الخاطئين ... وقَطْر السماء ومِدرَارِهِ
هَدَانى وقد كنتُ في ظُلمةٍ ... حَليفَ مَنَافٍ وأحجارِهِ
أخبرنا مَعْن بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن مسلم، عن عَمْرو بن دينار. وأخبرنا الفضلُ بن دُكين، قال حدثنى فِطْرُ (¬١) بنُ خليفةَ والمسعودى، عن حبيب بن أبي ثابتٍ. وأخبرنا الفضل بن دُكين، قال: حدثنا سفيان بن عُيينةَ، عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يابنى سَلَمَة مَنْ سَيِّدُكم؟ قالوا: سيدُنا الجدُّ بن قيس، وإِنّا لنُبَخِّلُهُ. قال: وأى داءٍ أدوى من البُخلِ؟ بل سيدكم الجَعْدُ الأبيض عَمْرو بن الجَمُوح (¬٢).
أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان عَمْرو بن الجَمُوح لم يشهد بدرًا، وكان رجلًا أعرجَ، فلما أراد رسول - صلى الله عليه وسلم - الخروج إلى أحدٍ منعهُ بَنُوهُ من الخروج، وقالوا: قد عذرك الله وبك من الزَّمانَةِ ما بك، فأتى عَمْرو رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إنّ بَنيَّ يريدونَ أن يحبسونى عن الخروج معكَ إلى هذا الوجه، والله إنى لأرجو أَنْ أَطَأَ بِعَرْجَتى هذه في الجنة! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما أنت فقد عَذَرَكَ الله وَلَا جِهَادَ عليك، ثم قال لبنيهِ. لا عليكم أن لا تمنعوه لعل الله يرزقهُ الشهادةَ. فخلَّوا عنهُ. قالت امرأته هندُ بنت عَمرو بن حَرام: كأنى أنظر إليه مُولّيًا قد أخذ دَرْقَتَهُ، وهو يقول: اللهم لا تردّنى إلى أهل خُرْبَى (¬٣) وهي منازِلُ بنى سلمة (¬٤).
قال أبو طلحة: فنظرت إلى عَمْرو بن الجَمُوح حين انكشف المسلمون ثم ثابوا
---------------
(¬١) فِطْر بن خليفة: تحرف في الأصل إلى "قطر" وصوابه من التقريب وتاريخ الإسلام للذهبى.
(¬٢) أخرجه الذهبي في تاريخه - المغازى، ص ٢١٦
(¬٣) ذكره ياقوت ولكنه لم يعين موضعه. وقال السمهودى: خربى كحبلى منزلة لبنى سلمة فيما بين مسجد القبلتين إلى المذاد.
(¬٤) أخرجه الذهبي في السير ج ١ ص ٢٥٤ - ٢٥٥