وهو في الرّعيل الأوّل لكأنى أنظر إلى ظَلَعٍ في رجلِه يقول: أنا والله مشتاق إلى الجنة، ثم أنظُرُ إلى ابنهِ خَلّادٍ يعدو في أثره حتى قتلا جميعًا.
أخبرنا عُبَيدُ الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، من مسلم بن صبيح، أن عمرو بن الجموح قال لبنيه: أنتم منعتمونى الجنةَ يوم بَدْرٍ، والله لئن لَقيتُ (¬١) لأدْخُلَنَّ الجنة، فبلغ ذلك عُمَر فَلَقِيهُ فقال: أنت القائلُ كذا وكذا قال: فلما لَقِىَ يومَ أُحُدٍ، قال عمر: فلم يكن لىَ هَمٌّ غيرَهُ، وطلبتُه فإذا هو في الرعيل الأولِ (¬٢).
أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنى عبدُ العزيز بن محمد الدراوردى، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيهِ عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعمَ الرجلُ عمرو بن الجموح.
أخبرنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ بن قَعْنَب، قال: حدثنا مالك بن أنس، أن عبد الله بن عَمْرو [بن حَرَام] وعَمْرو بن الجموح كُفِّنا في كفنٍ واحدٍ، وقُبرا في قَبرٍ واحدٍ (¬٣).
أخبرنا معن بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبِى صَعْصَعَة المازنى، أنه بلغه أن عَمْرو بن الجَمُوح وعبد الله بن عَمْرو بن حَرام الأنْصَارِيَّيْنِ ثم السَّلِمِيَّيِنْ، كان السيلُ قد خَرَّب قبرَهما، وكانا في قبر واحدٍ، وهما ممن استشهدَ يومَ أحدٍ، وكانْ قبرهما مما يلى السَّيل، فَحُفِرَ عنهما ليغيرَا من مكانِهَما فَوُجِدَا لَمْ يتغيَّرا، كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جُرِحَ فوضع يَدَهُ على جرحه فدُفِنَ وهو كذلك، فَأُمِيطَتْ يدُهُ عن جُرحِهِ، ثم أُرْسلَتْ، فرجعتْ كما كانت. وكان بين يوم أُحُدٍ ويوم حُفِرَ عنهما سِتٌّ وأربعون سنة (¬٤).
* * *
---------------
(¬١) في سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام "بقيت".
(¬٢) أخرجه الذهبي في السير ج ١ ص ٢٥٥
(¬٣) الذهبي في السير ج ١ ص ٢٥٥ وما بين الحاصرتين منه.
(¬٤) أخرجه الذهبي في السير ج ١ ص ٢٥٥