كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت ابنى فلانًا فأقرئه منى السلام، فقال: ليغفر الله لك يا أم بشر، لنحن أشغل من ذلك. قالت: يا أبا عبد الرحمن، أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أرواح المؤمنين طيرٌ خضرٌ تعلق بشجر الجنة؟ قال: بلى. قالت فهوَ ذاك.
قال محمد بن عمر: وقد سمعت أن كعب بن مالك كان يُكنى أبا عبد الله، وكان قد شهد العقبةَ مع السبعين من الأنصار.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة, عن أبيه, قال: آخي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين الزبير بن العوام وبين كعب بن مالك. قال الزبير: فلقد رأيت كعبًا أصابته الجِراحَة بأُحُدٍ، فقلت: لو مات فانقلعَ عن الدنيا بأسرها لورثته، حتى نزلت هذه الآية {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: ٧٥] فصارت المواريثُ بعدُ إلى الأرحامِ والقرابات، وانقطعت تلك المواريثُ في المؤاخاة.
قال محمد بن عمر: وهذا عندنا ليس بثابت، ولم تكن بعد بَدرٍ موارثةٌ قطعت قتلى بدرٍ المواريثَ حين نزلت {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: ٧٥] وإنما جُرِحَ كعبُ بن مالك بأُحُدٍ بِضْعَةَ عَشر جُرحًا، وارْتُثَّ (¬١) ولم يشهد بدرًا.
أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنى محمد بن عبد الله، عن الزّهرى، عن عروة، قال: آخَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين كعب بن مالك والزبير بن العوام.
قال ابن سعد: وأما في رواية محمد بن إسحاق (¬٢) فقال: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين كعب بن مالك وطلحة بن عُبيد الله.
وشهد كعب بن مالك أحدًا والخندقَ والمشاهدَ كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما خلا تَبُوك، فإنه أحدُ الثلاثةِ الذين تَخلّفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تَبُوك من
---------------
(¬١) لدى ابن الأثير في النهاية (رثث) وفى حديث كعب بن مالك "أنه ارْتُثَّ يوم أحد، فجاء به الزبير يقود بزِمَام راحلتِه" الارتثاث: أن يحمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجراح.
(¬٢) انظر هذه الرواية لدى ابن هشام في السيرة ج ٢ ص ٥٠٥.

الصفحة 394