كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

من الثّواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك، فقال: أسْألكُم لربّى أن تعبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأسألكم لى ولأصحابى أن تُؤوونا وتنصرُونا وتمنعونا ممّا تمنعون أنفسكم، قال: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنّة، قال: فلَكَ ذلك.
قال إسحاق بن يوسف فى حديثه: فكان الشّعْبىّ إذا حدّث هذا الحديث يقول ما سمع الشِّيبُ والشّبّان بخطبة أقصر ولا أبلغ منها.
قال: أخبرنا علىّ بن عيسى بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أبيه عيسى ابن عبد الله عن عمّه إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب أنّ قريشًا لمّا تفرّقوا إلى بدر فكانوا بمَرّ الظّهْران هبّ أبو جَهْل من نومه فصاح فقال: يا معشر قريش ألا تَبًّا لرأيكم ماذا صنعتم، خلّفتم بنى هاشم وراءكم فإن ظفر بكم محمّد كانوا من ذلك بنَحْوِه، وإن ظفرتم بمحمّد أخذوا آثاركم منكم من قريب من أولادكم وأهْليكم، فلا تَذَروهم فى بيضتكم وفنِائكم ولكن أخْرِجوهم معكم وإن لم يكن عندهم غَناءٌ، فرجعوا إليهم فأخرجوا العبّاس بن عبد المطّلب ونوفلًا وطالبًا وعَقيلًا كُرْهًا.
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه عن أبى صالح عن ابن عبّاس قال: قد كان من كان منّا بمكّة من بنى هاشم قد أسلموا فكانوا يكتمون إسلامهم ويخافون يُظْهِرونَ ذلك فَرَقًا من أن يَثِبَ عليهم أبو لَهَبٍ وقريش فيُوثَقُوا كما أوثَقَتْ بنو مخزوم سلمةَ بن هشام وعبّاس بن أبي ربيعة وغيرَهما فلذلك قال النبيّ، -صلى الله عليه وسلم-، لأصحابه يوم بَدر: مَن لقى منكم العبّاس وطالبًا وعقيلًا ونوفلًا وأبا سفيان فلا تقتلوهم فإنّهم أُخرِجوا مُكْرَهين.
قال: أخبرنا رُوَيْم بن يزيد المقرئ قال: حدّثنا هارون بن أبى عيسى الشآمى قال: وأخبرنا أحمد بن محمّد بن أيّوب قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد جميعًا عن محمّد بن إسحاق قال: حدّثنى حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب عن عِكْرِمة قال: قال أبو رافع مولى رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-: كنتُ غُلامًا للعبّاس بن عبد المطّلب وكان الإسلامُ قد دَخلَنَا أهْلَ البيْت فأسلم العبّاس وأسْلَمَتْ أمّ الفضل وأسلمتُ، فكان العبّاس يَهاب قومَه ويكره خلافَهم فكان يكتم إسلامَه، وكان ذا مالٍ متفرّق فى قومه فخرج معهم إلى بدر وهو على ذلك.

الصفحة 9