كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

ومحمد الأكبر بن جبير وأمه أم حُجَيْر بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص من بنى سليم. ورملةُ بنت جبير وأمها أم ولدٍ.
وكان أبوه مُطْعِم بن عَدِيّ من أشراف قريش، وكان كافًّا عن أذى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في أسارى بدرٍ: لو كان مُطْعِم بن عدى حَيًّا لوهبتُ له هؤلاء النَّتْنَى (¬١) وذلك ليدَ كانت لمطعم عند رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان أجارهُ حين رجع من الطائف وقام في نقضِ الصحيفة التي كَتَبَتْ قريشٌ على بنى هاشم حين حُصِرُوا في الشِّعْب، وكان مبقيًا على نفسه، لم يكن يُشرِفُ لعداوةِ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولا يُؤذيه ولا يؤذى أحدًا من المسلمين، كما كان يفعل غيرهُ.
ومدحهُ أبو طالبٍ في قصيدةٍ له قالها. وتوفى مطعم بن عدى بمكة بعد هجرة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى المدينة بسنةٍ، ودفن بالحَجُون مقبرةُ أهل مكةَ. وكان يوم توفى ابن بضع وتسعين سنة، وكان يكنى أبا وهبٍ ورَثَاهُ حسّان بن ثابت الأنصاري بقصيدته التي يقول فيها (¬٢):
فلو كان مجدٌ يُخْلِدُ اليومَ واحدًا ... من الناس أنجى مجدُهُ اليومَ مُطْعِما
أجَرتَ رسولَ الله مِنهم فأصبحوا ... عبيدكَ ما لبَّى مُلَبٍّ وَأَحْرَمَا
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا هشام بن عمارة، عن عثمان بن أبى سُليمان، عن نافع بن جُبَير بن مطعم، عن أبيه، قال: قدمت على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، المدينة في فِدَاء أسارى بدرٍ، فاضطجَعتُ في المسجد بعد العصر وقد أصابنى الكَرَى فنمتُ، فأقيمتْ صلاةُ المغرب فقمت فزعًا بقراءة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في المغرب {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [سورة الطور: ١، ٢] فاستمعت قراءتهُ حتى خرجتُ من المسجدِ فكان يومئذٍ أولَ ما دخل الإسلام قلبى.
---------------
(¬١) يعني أسارى بدر. والحديث رواه البخاري (ج ٦ ص ١٧٣، وج ٧ ص ٢٤٩ من فتح الباري طبعة بولاق). وانظر ابن الأثير في النهاية (نتن).
(¬٢) ديوان حسان ص ٢٤٣

الصفحة 14