كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

قومى حضروا يوم مُؤْتَة. قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني داود بن سنان، عن ثعلبة بن أبي مالك. قال محمد بن عمر: وحدثنى خالد بن إلياس، عن صالح بن أبي حسان، عن عُبَيد بن حُنَيْن، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ. قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني نافع بن ثابت، عن يحيى بن عَبّاد، عن أبيه، عن رجل من بنى مُرّة كان في الجيشِ بمُؤْتَةَ، قالوا جميعًا: لما أخذَ خالدُ بن الوليدِ اللواءَ يومئذٍ انكشف الناسُ منهزمين. قال أبو سعيدِ الخُدْرِيّ في حديثه فلما سمع أهل المدينة بجيش مُؤْتَةَ قادمين تلقّوهم بالجُرفِ (¬١)، فجعلَ الناسُ يَحثُون في وجوههم التراب ويقولون: يا فُرّار، أَفَررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: ليسوا بفُرّار، ولكنهم كُرَّار إن شاء الله (¬٢)!
قال محمد بن عمر: وأمرَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، خالدَ بن الوليد يوم فتح مكة أن يدخل من اللِّيط فدخل فوجد جمعًا من قريش وأحابيشها، فيهم صَفوان بن أُمية، وعِكْرمةُ بن أبي جهل، وسُهيل بن عَمْرو، فمنحُوه الدخول وشهرُوا السلاح ورموا بالنبل، وقالوا: لا تدخلها عَنوةً أبدًا! فصاحَ خالدُ في أصحابه وقاتلهم، فقتل منهم أربعةً وعشرين رجلًا، عشرونَ منهم من قريش، وأربعةٌ من هُذَيل، وانهزموا أقبح انهزام حتى قُتلوا بالحَزْوَرَة (¬٣) وهم مُوَلَّون في كل وجهٍ. ولما ظهر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على ثنيةِ أَذاخِر نظرَ إلى البارِقةِ (¬٤) فقال: ما هذه البارقة، ألم أَنْه عن القتال؟ قيل: يا رسول الله، خالدُ بن الوليد قُوتل فقَاتل، ولو لم يُقاتَل ما قَاتل! فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: قفاء الله خير (¬٥)! قال وجعل خالد بن الوليد وهو يُقاتل خارجة بن خُوَيْلد الكعبى (¬٦) يومئذٍ يتمثل بأبيات:
---------------
(¬١) الجُرْف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة.
(¬٢) الخبر لدى الواقدى في المغازي ص ٧٦٤ - ٧٦٥.
(¬٣) الحزورة: سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه.
(¬٤) بارقة السيوف: لمعانها، يقال: برق بسيفه وأبرق إذا لمع به.
(¬٥) لدى الواقدى الذي ينقل عنه ابن سعد "قَضى الله خيرًا".
(¬٦) كذا لدى الواقدى الذي ينقل عنه المصنف. وفى الأصل "وهو يقاتل يومئذ يتمثل بأبيات خارج بن خويلد الكعبى".

الصفحة 31