كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

صوتَهُ، وكان رَفِيعَ الصوت، وكَشَفَ أنسٌ عن وجهه الخِرْقَةَ، وكان على وجهه خِرْقَةٌ سوداء، فقال: ما هذا؟ ما هكذا كانوا يفعلون؟ قال: فكان إذَا رَأى شيئًا يُنكره كَشفَ الخِرْقةَ عن وجهه (¬١).
قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد، قال: حدَّثنى يزيدُ بنُ عبد الملك، عن المغيرة النوفلى، قال: حدَّثنى يزيد بن خُصَيْفَةَ قال: تَنَخَّمَ أنسُ بن مالك في المسجد ونسِى أن يدفنها، ثمّ خرج حتَّى جاء إلى أهله، فذكرها فجاء بشعلة من نارٍ وطلبها حتَّى وجدها ثمّ حَفَر لها فأَعْمق فدفنها (¬٢).
قال: أخبرنا يحيى بن يَعْلَى بن الحارث المحاربى، قال: حدّثنا أَبِى، قال حدّثنا غَيلان، عَن قيس الهَمْدَانيّ، أنه سمع أنس بن مالك يقول: أَمَرَنَا كُبَرَاؤُنا من أصحاب محمّد، - صلى الله عليه وسلم -، أن لا نَسُبّ أمراءَنا ولا نَغُشَّهم ولا نَعصيهم، وأن نتقى الله ونصبر، فإن الأمرَ إلى قريب.
قال: أخبرنا عَمرو بن عاصم الكِلَابِيّ، قال: حدّثنا سلّام بن مسكين، قال سمعتُ ثابتًا البُنَانِيّ يحدّثنا في بيت الحسن بن أبي الحسنِ والحسنُ شاهدٌ فقال ثابت: حدّثنا أنس بن مالك أن الحجّاجَ بن يوسف لمّا قَدِمَ العراق أرسل إليه فقال: يا أبا حمزةَ، إنك قد صَحبتَ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، ورأيتَ من عَملِه وسيرتِه ومنهاجه، فهذا خاتمى فليَكن في يَدِك فَأَرْتَئِى برأيك فلا أعملُ شيئًا إِلَّا بأمرك، قال فقال له أنس: أنا شيخٌ كبيرٌ وقد ضَعفت وَرَققتُ وليس فِيَّ اليومَ ذاك. قال: قد عَمِلتَ لفلان وعَمِلتَ لفلان! فما بَالى، قال: فانظر أحدَ بَنِيك ممن تثق بدينه وأمانته وعقله، فقال: ما في بَنِيَّ أحدٌ أثق لكَ بِه، قال: حتَّى كثُر الكلام بينهما.
قال: أخبرنا المُعلّى بن أسَد، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن العُريان الحَارِثِيّ، قال: سمعتُ ثابتًا البُنانِيَّ قال: كنا مع أنس بن مالك يومَ الجمعة قال، فأخّر الحجّاجُ الصلاةَ قال فقام أنسٌ وهو يريد أن يُكلِّمَهُ فنهاه إِخوانُه ومن يُشْفِقُ عليه، قالوا: إنا نخافه عليك وعَلَى وَلدِك، قال: فما زالوا به حتَّى صَرفوهُ عن رأيه.
---------------
(¬١) الخبر لدى ابن عساكر: مختصر ابن منظور ج ٥ ص ٧٣
(¬٢) الخبر لدى ابن عساكر: مختصر ابن منظور ج ٥ ص ٧٣

الصفحة 339