كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

إليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: أن يقدم عليه هو وَوَفْدُ بنى الحارث بن كعب، فقدموا معهُ فأنزلهم خالدٌ عليه في منزله وأكرمهم.
ولقد خرج مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في حجة الوَدَاع، فلما حَلَقَ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، رأسه أعطاه ناصِيتَهُ فكانت في مُقَدَّم قَلَنْسُوته، فكان لا يلقى أحدًا إلا هزمهُ، ولقد قاتَل يوم اليَرمُوك فوقعت قَلَنْسُوَته. فجعل يقول: القَلَنْسُوَة القَلْنْسُوَة! فَقِيلَ له بعد ذلك: يا أبا سليمان: عجبًا لِطَلَبِك القَلَنْسُوَة وأنت في حَوْمَةِ القتال! فقال: إن فيها نَاصِيةَ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولم أَلْقَ بها أَحَدًا إلَّا وَلَّى، ولقد تُوفِّى [خالد] يوم تُوفِّى، وهو مجاهد في سبيل الله، وقَبرُهُ في بعض قُرى حِمْص فأخبرنى مَنْ غَسَّله وحَضَره ونظرَ إلى ما تحت ثيابه، ما فيه مَصَحّ، ما بين ضربةٍ بسيف أو طعنةٍ برُمْح أو رَمْيَةٍ بسهمٍ (¬١).
وقال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، عن أبيه، قال: لما كان يَوْمَ اليَرمُوك فَقَدَ خالدُ بنُ الوليد قَلَنْسُوَةً لَهُ فقال: اطلبوها، فطلبوها فلم يجدوها، فقال: اطلبوها فطلبوها فوجدوها، فإذا هي قَلَنْسُوَةٌ وَسخَةٌ. فقال: اعْتَمَرَ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَحَلَقَ رَأْسَه فَابْتَدَرَ الناسُ إلى شَعرِهِ فسبقتُهم إلى ناصيَته فجعلتها في هذه القلنسوة، فما شهدت قتالًا وهي معي إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ.
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أَبِى أُوَيْس، قال: حدثنى سُلَيمان بن مُسلم بن جَمَّاز (¬٢) القارِئ مَوْلى بنى زُهرة، عن قيس بن محمد بن عبد العزيز بن قيس، عن العباس بن عبد الله بن معبد يرفعه إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن خالد بن الوليد أراد الخروج إلى مكة وأنه استأذن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في رجل من بنى بَكْر - يُريد أن يَصْحَبه فقال له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: اخرج به، أخوك (¬٣) البِكْريّ (¬٤)
---------------
(¬١) الخبر لدى الواقدى ص ٨٨٣ وما بين حاصرتين منه.
(¬٢) الضبط عن توضيح المشتبه ج ٢ ص ٤٠٠
(¬٣) في الأصل: وأخوك البكرى بفتح الباء ضبط قلم. والمثبت رواية أبى داود: كتاب الأدب: باب فما الحذر من الناس رقم ٤٨٦١، وكذا رواية الكنز برقم ٢٤٧٨٢ و ٢٥٦٠١.
(¬٤) بهامش الكنز نقلا عن فيض القدير "أخوك البكرى: بكسر الموحدة، أي الذي ولده أبواك أولا، وهذا على المبالغة في التحذير، أي أخوك شقيقك خفه واحذر منه ولا تأمنه فضلا عن الأجنبى=

الصفحة 34