كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

يقول: الّلهّم، أَنزل على نبيّك ما يُصدق حديثى! ومشى ابنُ أُبَيّ إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يحلف بالله ما قلتُ ما قال زيد ولا تكلمتُ به. وكان في القومِ شريفًا فَظَانٌّ (¬١) يظنُّ أنه قد صدق، وَظَانٌّ يظنُّ بهِ أسوأ الظن، لما كانوا يعرفون من رأيه ونفاقه.
وسار رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من ساعتهِ راجعًا إلى المدينة، وجعل زيدٌ يعارض رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في المسيرَ يُريهُ وجههُ، إذ نزل على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الوحىُ فَسُرِّى عنه، فأخذ بأُذن زيد بن أرقم وهو على راحلته حتى ارتفع من مقعدهِ ويرفع أذنهُ إلى السماء وهو يقول: وَفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدّق الله حَدِيثَك ونزلت في ابن أُبَيّ السورة: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إلى آخِرها (*).
قال أخبرنا عُبَيد (¬٢) الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أَبِى إسحاق، عن زيد بن أرقم قال: كنت مع عَمِّى فسمعتُ عبد الله بن أُبَيِّ بن سَلُول يقول: لأصحابهِ: لا تُنْفِقوا على مَنْ عند رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حتى يَنْفَضُّوا، ولَئِنْ رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأذَلّ. فذكرت ذلك لِعَمِّى فذكره للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، فدعانى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فحدثته. فأرسل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبنى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وصدقهُ، فأصابنى همٌّ لم يُصبنى مثلهُ قَطّ، وجلست في البيت فقال لي عَمِّى: ما أردتَ إلى أَنْ كَذَّبك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ومَقتك! فأنزل الله {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [سورة المنافقون: ١] فَبَعَثَ إِلَيَّ رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقرأها عَلَيَّ ثم قال: إنّ الله قد صَدَّقك (¬٣).
قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: حدّثنا إسرائيل عن السُدِّى، عن أبي سعيد الأَزْدِى قال: حدّثنا زَيْد بن أَرْقَم قال: (*) غزونا مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -،
---------------
(¬١) كذا في الأصل. ولدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "فكان".
(¬٢) عُبيد الله: تحرف في الأصل إلى "عَبد الله" وصوابه من المزى والتقريب لابن حجر.
(¬٣) الخبر في تاريخ ابن عساكر: مختصر ابن منظور، ج ٩ ص ١٠٧، وسير أعلام النبلاء، ج ٣ ص ١٦٧.
(*) من هذه العلامة إلى مثلها في الصفحة التالية أخرجه ابن عساكر مختصر ابن منظور، ج ٩ ص ١٠٧ - ١٠٨.

الصفحة 359