لصاحبه، أتذكر ما لقينا يوم الكمَّةِ (¬١) بِسُبَاطة الحيرَة؟ قال: نعم ما لقينا يومًا أشد منه، وقعت كُمَّةُ خالد بن الوليد فقال: التمسوها وغضب فوجدناها، فوضعها على رأسه ثم اعتذر إلينا فقال: لا تلومونى فإن نبيّ الله، - صلى الله عليه وسلم -، حين حَلَقَ رأسه انْتَهَبنا شَعْرَهُ فوقعت ناصيته بيدى فجعلتها ناصيةً لي في هذه الخِرقَة، فإنما شَقَّ عَلَيَّ حين وَقَعَتْ.
قال: أخبرنا محمد بن عُبَيد عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زِياد، قال: قال خالد بن الوليد عند موته: ما كان في الأرض ليلة أحَبَّ إلى من ليلةٍ شديدة الجَلِيدِ في سَرِيَّةٍ من المهاجرين أُصَبِّحُ بهم العَدُوّ فعليكم بالجهاد (¬٢).
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمَير، قال: حدّثني إسماعيل، عن قَيس، قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد منعنى كثيرًا من القراءة الجهادُ في سبيل الله (¬٣).
قال: أخبرنا الفَضْلُ بن دُكَيْن، قال: حدّثنا الوليد بن عبد الله بن جُمَيْع قال: حدثنى رجل أثق به أَنّ خالدَ بنَ الوليد أَمَّ الناس بالحيرة فقرأ مِنْ سُوَرٍ شَتَّى ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: شغلنى عن تَعْلِيم القرآن الجهادُ.
قال: أخبرنا أَبُو معاويةَ الضَّرِير، قال: حدّثنا هشامُ بن عُروَةَ، عن أبيهِ، قال: كانت في بنى سُليم رِدّةٌ، فبعث إليهم أبو بكر خالدَ بن الوليد فجمع منهم رجالًا في حَظَائِر ثم أحرقهم بالنار، فجاء عمر إلى أبى بكر فقال: انْزِعْ رجلًا عَذَّبَ بعذابِ الله! قال: فقال أبو بكر لَا وَالله لَا أَشِيمُ (¬٤) سَيفًا سَلَّهُ الله على عبادهِ حتى يكون هو يَشِيمُهُ قال: ثم أمره فَمَضَى من وجهه ذلك إلى مُسَيْلمَةَ (¬٥).
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمَير، قال: حدّثنا هشام بن عُروَةَ، قال: أخبرني أبى أن عمر بن الخطاب قال لأبى بكر: انْزِعْ خالدَ بن الوليد فإنّهُ عَذَّبَ بعذابِ الله! قال: لا أَشَيمُ سيفًا سلَّهُ الله على الكفّار حتى يكون الله الذي يَشِيمهُ.
---------------
(¬١) الكُمَّةُ: القَلَنْسُوةُ المُدَوَّرَة؛ لأنها تغطّى الرأس.
(¬٢) الخبر لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٧٥.
(¬٣) نفس المصدر.
(¬٤) أَشِيمُ: أَغْمِد.
(¬٥) أخرجه المصنف من نفس الطريق عندما ترجم لخالد فيمن نزل الشام من الصحابة.