كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

عبد الله: من حوله. وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنّ الأَعزُّ منها الأذل. قال فأتيت النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته ذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبَيّ فسأله، فاجْتَهَدَ يَمِينه ما فعل، فقالوا: كذَبَ زيدٌ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -. قال: فوقع في نفسى ممّا قالوا شدةٌ حتى أنزل الله تَصْدِيقِى في {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [سورة المنافقون: ١] قال: ودعاهم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ليستغفر لهم فَلَوَّوْا رءوسهم.
قال: أخبرنا محمد بن عُبَيد، قال: حدّثنا سفيان الثَّوْرِيّ، عن جابر بن حَنْتَمَةَ قال: اشتكى زيدٌ بن أرقم عينَهُ أَوْ عَيْنَيْه فأتاهُ النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يعوده فقال: أرأيت لو ذهب بَصَرُكَ ما كنت صانعًا؟ قال: كنت أصبر وأحتسب، قَال: إذًا لَلَقِيتَ الله تعالى ولا ذنب (¬١) لك.
قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَيْن قال: حدّثنا شرِيك، عن جابر، عن أَبِى نصر، عن أنسٍ قال: دخلت مع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على زيد بن أرقم وهو يشتكى بصرَهُ، فقال: كيفَ أنت يا زيد إن كان بَصَرُك لِمَا به؟ قال: إذًا أصبر وأحتسب، قال: لئن صبرت واحتسبت لَتَلْقَنَّ الله ليس لك ذنبٌ.
قال: أخبرنا عمرو بن الهَيْثَم أَبُو قَطَن عن يونس بن عَمرو بن عبد الله، عن أبيه، عن زيد بن أَرْقَم قال: أصابنى رمدٌ، فعادنى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلما بَرَأْتُ قال: يا زيد، لو كانت عيناك لما بِهما ما كنتَ صانعًا - أو كيف كُنتَ صانعًا؟ قال: كنتُ أحتسب. قال إذًا لَلَقِيتَ الله لَا ذَنْبَ لك.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم، وهشام أبو الوليد الطَّيَالِسِيّ قالا: حدّثنا شُعبة، عن عمرو بن مُرّةَ، قال سمعت عبد الرحمن بن أَبِى لَيْلَى قال: كنا إِذَا قُلنا لزيد بن أَرْقَم: حَدِّثْنا، قال: كبرنا ونَسِينا. والحديث - قال عفان: على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، شديدٌ. وقال أبو الوليد: عَنْ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، شديدٌ (¬٢).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان زيدٌ بن أرقم يُكنى أبا سعيد. وقال غيره كان يُكنى أبا أُنَيسةَ. وتُوفى بالكوفة زمن المختار بن أَبِى عُبيد سنة ثمان وستين.
* * *
---------------
(¬١) انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٩ ص ١٠٧، وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ١٦٧.
(¬٢) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٩ ص ١٠٨.

الصفحة 361