قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثنى عُتبة بن جَبِيرَة، عن عاصم بن عُمَر بن قَتَادَة، قال: وحدثنى محمد بن عبد الله، عن الزُهْرِيّ. قال: وحدثنى أُسَامةُ بن زَيْدٍ اللَّيثى عن الزُّهْرِيّ، عن حَنْظَلَة بن علي الأَسْلَمِى. قال: وحدثنى مَسْلَمَةُ بن عبد الله بن عُروة، عن أبيه، دخل حديثُ بعضهُم في حديث بعض قال: لما ارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ من العرب وامتنعوا من الصَّدَقَة شَاوَرَ أبو بكر الصّدّيق في غَزْوِهِم وقِتَالهم، فأجمعَ البِعثَةَ إليهم، وخرَج هو نفسهُ إلى قَنَاة فَعَسْكَرَ بها، وأظهر أنه يريد غَزْوَهُم بنفسهِ ليبَلُغَهُم ذلك فيكون أَهْيب لهم. ثم سَارَ من قَنَاة في مائة من المهاجرين وخالد بن الوليد يحمل لواءهُ حتى نزل بَقْعَاء (¬١)، وهو ذو القَصَّة وأراد أن يتلاحق به الناس ويكون أسرَعَ لخروجهم، فلما تلاحقوا به استعمل خالدَ بنَ الوليد عليهم، وأمرَهُ أن يسير إلى أهلِ الرِّدَّةِ فيقاتلهم على خمس خصالٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإِقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاة، وصيام شَهرِ رمضانَ.
ورجع أبو بكر إلى المدينة ومضَى خالد بن الوليد ومعه أهل السابقة من المهاجرين والأنصار فأَوْقَعَ بأهل الرِّدَّةِ من بنى تميم وغيرهم بالبِطَاحِ، وقَتَلَ مالِكَ بن نُوَيرة، ثم أوقع بأهلِ بُزَاخَةَ وحَرَّقَهُم بالنار، وذلك أنه بلغه عنهم مقالةٌ سَيِّئةٌ، شَتَموا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وثَبَتوا على رِدَّتهم.
ثم مَضَى إلى اليَمَامَةِ فقاتلَ بها مُسَيْلِمَةَ وبَني حَنِيفَة حتى قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ وصالحَ خالد أهلَ اليمامةِ على الصفراءِ والبيضاءِ والحَلقَةِ والكُرَاعِ (¬٢) وَنصفِ السَّبي.
وكتب إلى أبى بكر: إِنِّي لم أصالحهم حتى قُتِل من كنتُ أَقوى به، وحتى عَجِفَ الكُراعُ ونُهِكَ الخُفُّ (¬٣)، ونُهِكَ المسلمون بالقتل والجراح، وقدمَ خالدُ بن الوليد المدينةَ من اليمامة ومعهُ سبعة عشر رجلًا من وَفْدِ بَنِي حَنِيفةَ فيهم مُجَّاعَةُ بن مُرَارَةَ
---------------
(¬١) بقعاء: بالمدّ، تحرف في الأصل إلى "بَقْعًا" وصوابه عن الفيروزابادى في المغانم المطابة في معالم طابة. وورد لديه "بقعاء: بالمدّ وأوله مفتوح، اسم موضع على أربعة وعشرين ميلا من المدينة، خرج إليه أبو بكر لتجهيز المسلمين لقتال أهل الرِّدَّة. قال الواقدى: وبقعاء هو ذو القصة".
(¬٢) الحلقة: السلاح عامة، أو الدرع خاصة. والكراع: الخيل.
(¬٣) الخف: البعير.