كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

شيئًا. فلما ارتحل نحو المدينة ومعه أصحابه جعل ينحر كل يومٍ جزورًا حتى بلغ صِرَارًا (¬١).
قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَيْن والحسن بن موسى قالا: حدّثنا زُهَير بن معاوية، عن أَبِى إسحاق، عن يريم أبى العلاء - وكان إمام مسجد حيهم - قال: كنت مع قيس بن سعد بن عبادة في شُرطتهِ وهم عشرة آلاف بعثهُ عَلِيّ وكان خادم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نزول على شَطِّ دجلة، فَبَال وعليه خُفَّان من أَرَنْدَج (¬٢)، ثم أتى شط دِجْلَة فتوضأ ومسح عَلَى خُفَّيَّه قال: فأنا رأيت أثر أصابعه عليهما. قال أبو إسحاق: وعندى أَبُو مَيْسَرة. فقال أَبو مَيْسَرة: أنت رَأَيْتَهُ يا أبا العلاء؟ قال: نعم.
قال: أخبرنا رَوْحُ بن عُبَادة، قال: حدّثنا عوف بن محمد، قال: كان محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حُذَيفة بن عتبة بن ربيعة مِن أَشَدِّ قريش عَلَى عثمان، وإنَّ عليًا أَمَّر قيسَ بنَ سعد بن عُبادة - يعني على مصر - وكان قيس رجلًا حازمًا فنُبِّئْتُ أنه كان يقول: لولا أن المَكْرَ فُجُورٌ، لمكرتُ مَكْرًا يضطرب منه أهل الشام بينهم. وإِنَّ معاوية وعَمْرو بن العاص كتبا إلى قيس بن سعد كتابًا يَدْعُوانه إلى مبايعتهما، وَكُتِبَ إليه بكتاب فيه لِين، فكتبَ إليهما كتابًا فيه غِلَظٌ، فكتبا إليه بكتاب فيه غِلظٌ. فكتب إليهما بكتاب فيه لِينٌ. فلما قَرَآ كتابَه عَرَفا أنهما لا يدان لهما بمكره. فقال كل واحدٍ منهما لصاحبهِ: تعالَ حتى بمكر الآن بعَلِيّ فما شأنه، فأذاعا بالشام أنهما قد كتبا إلى قيس بن سعدٍ، وأنه قد بايعنا وتابعنا على أمرنا، فبلغ ذلك عليًّا فقال له أصحابه: بادر إلى مصر فإنّ قيسًا قد بايع معاوية وعَمْرًا، فَبَعَثَ عليٌّ محمدَ بن أبي بكر ومحمد بن أَبِى حُذَيْفة إلى مصر. وأَمَّرَ محمد بن أبي بكر، فلما قدِما على قيس بن سعد بِنَزعه، عرف قيسٌ أَنّ معاويةَ وعَمْروَ بن العاص قد خَدَعَا عليًّا ومَكَرَا به. فقال قيس بن سعد لمحمد بن
---------------
(¬١) موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق (ياقوت) والخبر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٢١ ص ١١٢.
(¬٢) أمامها في حاشية الأصل "أرندج: أي أسود" وفى المعاجم الأَرَنْدَج: جِلد أسود تعمل منه الأحذية. و - طلاء أسود تسوَّد به الأحذية.

الصفحة 372