كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

جاهليةٍ وإسلامٍ، وقيسٌ رجلُ العرب. وَيَأبَى محمد بن أبي بكر أن يقصر عنه، فَعَزَلَه عليٌّ عليه السلام (¬١).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بنُ عَبَادَة، قال: قدم قيس بن سعد المدينة فأرسلت إليه أمّ سَلَمَة تلومه وتقول: فارقت صَاحِبَك، قال: أنا لم أفارقهُ طائِعًا، هو عَزَلَنى. فأرسَلَتْ إليه: إني سأكتب إلى عَلِيٍّ في أمرك. وراح قيسٌ إليها، فأخبرها الخبر، فكتبت إلى عليّ تُخْبِرُه بنصيحة قيس وأبيهِ في القديم والحديث، وتلومه على ما صنع. فكتب عَلِيٌّ إلى قيس يعزم عليه إلا لحق به، فقال: والله ما أخرج إليه إِلّا استحياءً، وإِنِّى لأعلم أنه مقتول، معه جندُ سوءٍ لا نِيَّةَ لهم. فقدِم عَلَى عَلِيٍّ، فأكرمه، وحباهُ (¬٢).
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال حدّثني راشد بن سعد، عن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عُبَادة. قال: وحدّثنى مَعْمَر، عن الزّهْرِيّ قالا: لما قدم قيس بن سعد المدينة تَآمَر فيه الأسود بن أَبِى البَخْترى، ومروان بن الحكم أن يُبَيِّتاه فيمن معهما، وبلغ ذلك قيسًا، فقال: والله إنّ هذا لقبيح، أن أفارق عليًّا وإن عزلنى، والله لألحقن به. فلحق بعليّ بالعراق فكان معه وأخبره قيسٌ بخبره، وما كان يعمل بمصر، فعرف عَلِيٌّ أَنّ قيسًا كان يُدارى أمرًا عظيمًا من المكيدة التي قصّر عنها رأْىُ غيره. وأطاع عَلِيٌّ قيسًا في الأمر كله، وجعلهُ مُقَدِّمَةَ أهل العراق على شُرطَةِ الخميس الذين كانوا يبايعون للموت. فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم والأسود بن أَبى البَخْترى (¬٣) يتغَيّظ عليهما، وأَنَّبَهُما أَشَدّ التَّأْنِيب. وقال: أَمْدَدْتُما عَليًّا بقيس بن سعد، وبرَأيهِ ومكيدته؟ والله لو أمددتماه بمائة ألف مقاتل ما كان بأغيظ لي من إخراجكما قيس بن سعد إليه (¬٤)!
---------------
(¬١) الخبر بطوله في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور، ج ٢١ ص ١١٠ - ١١١.
(¬٢) الخبر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٢١ ص ١١١.
(¬٣) الأسود بن أبي البخترى: تحرف في الأصل إلى "الأسود بن البخترى" وصوابه مما جاء في صدر هذا الخبر، ومختصر تاريخ دمشق.
(¬٤) الخبر في مختصر تاريخ دمشق ج ٢١ ص ١١٢.

الصفحة 374