كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

وسأُحَدِّثكَ لِم: إِنى رأيت رؤيا على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقصصتها عليه، رأيتُ كَأَنِّى في روضة خضراء، - قال ابن عون: فذكر من خضرتها وسعتها - وسطها عمود حديد، أسفلهُ في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عُروة، فقِيل لي: اصعد عليه فقلت: لا أستطيع، فجاءنى مُنصف فرفع ثيابى من خلفى فقال: اصعدْ عليه قال: فصعدت حتى أخذت بالعروة الوثقى (¬١). فقال: استمسك بالعروةِ، قال: فاستيقظت وإنّها لفى يدى: قال: فلما أصبحتُ أتيت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقصصتها عليه فقال: أَمَّا الرَّوضةُ فَروضَةُ الإسلام، وأَمَّا العَمُود فعمُود الإسلام، وأَمّا العُرْوَةُ فهى العروة الوثقى، أنت على الإسلام حتى تموت. قال: وهو عبد الله بن سَلَام. قال إسحاق: وسُئل عبد الله بن عَون عن المُنصف؟ فقال: هو الوصيفُ (¬٢).
قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حَمَّاد بن سلمة، عن عاصم بن بَهْدَلة، عن المُسَيِّب بن رافع، عن خَرَشَةَ بن الحُرِّ، قال: قدمت المدينة فجلست إلى أَشْيِخَة في مسجد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فجاء شيخٌ يتوكَّأ عَلَى عَصًا له، فقال رجلٌ: هذا رجلٌ من أهل الجنة. فقام خلف ساريةٍ، فصلى ركعتين، فقمت إليه: فلمّا قضى صلاته قلت: زعم هؤلاء أَنَّك من أهل الجنة، فقال: الجنّةُ لله يُدْخِلُها مَنْ يشاء، وإنى رأيتُ على عهدِ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، رؤيا: رأيتُ كَأَنّ رجلًا أتانى، فقال: انطلق فسلك بي في منهج عظيم. فبينما أنا أمشى إذ عرض لي طريقٌ عن شمالى، فأردتُ أن أَسْلُكَها، فمْال: إنك لستَ من أهلها. ثم عَرضَتْ لي طريق عن يمينى، فسلكتها، حتى انتهينا إلى جبل زَلَقٍ، فأخذ بيدى، فرحل بي، فإذا أنا على ذروته، فلم أَتَقَارَّ، ولم أَتماسكْ، وإذا عمودٌ من حديدٍ، في أعلاه عُروةٌ من ذهب، فأخذ بيدى، فَزَجَلَ (¬٣) بي، حتى أخذتُ العروة، فقال لي:
---------------
(¬١) كلمة الوثقى لم ترد لدى الذهبي الذي ساق هذا الخبر بسنده ونصه كما هنا.
(¬٢) الخبر لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٢١.
(¬٣) في الأصل "زحل" بالحاء المهملة وتحتها علامة الإهمال للتأكيد. والمثبت في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ولدى ابن الأثير في النهاية (زجل) ومنه حديث عبد الله بن سلام "فأخذ بيدى فَزَجَل بي" أي رمانى ودفع بي.

الصفحة 384