النَّجَاشِيّ بأرض الحَبَشَة وأهدى له هدايا ليُقِيمَ في جِوَارِهِ، ووافق هناك عَمْرَو بن أُمَيّة الضَّمْرِيّ قد بعثه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى النجاشى وكتب معه كتابين: أحدهما يدعوه فيه إلى الإسلام، والآخر يسأله فيه أن يُزَوِّجَه أُمّ حَبِيَبة بنت أبي سفيان، ويبعث إليه بأصحابه أهلِ السفينتين. فلقى عَمْرُو بن العاص عَمْرَو بن أميَّة فضربه وخنقه بردائه، ثم دخل على النجاشى فأخبره فغضب النجاشى وقال: والله لو قتلتَهُ ما أبقَيتُ منكمِ أحدًا، أَتَقْتُلُ رَسُولَ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، ؟ ! قال عمرو بن العاص فقلت: أَتَشْهَدُ أنّه رسولُ الله؟ قال: نعم. أشهد أنه رسول الله. فقلت: وأنا أَشْهَدُ أنه رسول الله، ابْسُطْ يَدَك أُبَايِعْك، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجتُ إلى عَمْرو بن أمَيّة، فَعَانَقْتُه، وَعَانَقَنى، وأخبرته بإسلامى، وانطلقتُ سريعًا إلى المدينة فأتيتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فبايعته على الإسلام وأن يُغْفَر لي ما تقدم من ذنبى، وأن أشْرَك في الأمر ففعل، ونسيتُ أن أقول له: يُغْفَرُ لي ما تأخّر من ذنبى (¬١).
قال: أخبرنا إسحاق الخراسانى بن أبي إسرائيل، قال: [حدثنا النَّضْر بن شُمَيْل قال: أخبرنا أَبُو عَوْن عبد الله بن عون، عن عُمَير بن إسحاق قال: استأذن جعفرٌ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ائذنْ لي [أن] آتى أرضًا أعبدُ الله فيها لا أخافُ أحدًا إلا الله. قال: فأَذِنَ له فأتى النَّجَاشِيَّ قال [عُمَيْر] فحدثنى عمرو بن العاص قال: فلما رأيتُ مكانَه حَسَدتُه، قال قلت: والله لأستقتِلَنّ لهذا ولأصحابه، فأتيتُ النجاشى فدخلت عليه فقلت له: إِنَّ بأرضك رجلًا ابنُ عَمِّه بأرضنا، وإنه يزعم أنه ليس للناس إلّا إلهٌ واحدٌ، وإنك والله إنْ لم تَقْتُلْه وأصحابَه، لا أقطعُ هذه النُّطْفَةَ (¬٢) إليك أبدًا، أنا ولا أحدٌ من أصحابى قال: ادْعُه. قال قلت: إنه لا يجئ معي، فأرسلَ [إليه] معي رسولًا، قال: فجاء، فلما انتهيت إلى الباب، ناديت: ائْذَنْ لعمرو بن العاص، ونادى هو مِن خلفى: ائْذَنْ لحِزْبِ الله.
---------------
(¬١) الخبر لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣/ ٦١، نقلا عن ابن سعد.
(* - *) الخبر بسنده ونصه لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣/ ٦١ - ٦٣ وما بين حاصرتين منه.
(¬٢) النطفة: أراد لها ماء البحر. أي. لا نسافر إليك.