كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

وبَعثَ عَمْرُو بن العاص معاويَة بن حُدَيج (¬١) إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية. قال: وبلغ قُسطنطين بن هرقل أمْرَ الإسكندرية وَفَتْحهَا فبعث خَصِيًّا لهُ يُقال له: منويل في ثلاثمائة مركب حتى دخلوا الإسكندرية، فقتلوا من بها من روابط المسلمين وهَرَبَ مَن هرب، ونقض أهل الإسكندرية، فبلغ عمرو بن العاص الخبر فندب المسلمين فخرجَ في خمسة عشر ألفًا من المسلمين، ثم زحف إلى أهل الإسكندرية ونصب عليها المجانِيق، وقاتلهم أشد القتال حتى فتحها عَنْوَةً وخَرَّب جُدرَها، وَرُئى عمرُو بن العاص يخرب بيده.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنى عبد الله بن نافع، عن عمرو بن الحارث، قال: كان عمرو بن العاص يبعث بجزية أهل مصر وخَراجها إلى عمر بن الخطاب كل سنة، بعد حبس ما كان يحتاج إليه، ثم إنه اسْتَبْطَأَ عَمْرَو بن العاص في الخراج فكتب إليه كتابًا يلومه في ذلك، ويُشدِّد عليه ويقول له في كتابه: فلا تجذع أبا عبد الله أن تُؤخذ بالحق وتُعطيه، فإنّ الحق أَبْلج، فَذَرْني وما عنه تُلَجْلِج فقد بَرح الخفَا.
فكتب إليه عمرو بن العاص يجيبه على كتابه وكتب إليه: إنّ أهلَ الأرض استنظروا إلى أن تدرك غَلَّتُهُم، فنظرت للمسلمين وكان التَّرفقُ بهم خيرًا من أن نخرق بهما فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه، فينكسر الخراج، وقد صدقتُ والله أَمِيرَ المؤمنين والسلام.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنى أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة، عن موسى بن جُبَيْر، عن شيوخٍ من أهل المدينة قالوا: كتب عُمر بن الخطاب إلى عَمْرو بن العاص: أما بعد، فإنى قد فرضت لمن قبلى في الديوان ولذريتهم ولمن وَرَدَ علينا بالمدينة من أهل اليمن وغيرهم ممن توجه إليك وإلى البُلدان، فانظر من فرضتُ له ونزل بك، فادْررْ عليه العطاءَ وعلى ذريته، ومن نزل بك ممن لم أفرض له فافرض له على نحوٍ مما رأيتنى فرضتُ لأشباهه، وخُذ لنفسك مائتى دينار، فهذه فرائض أهل بدرٍ من المهاجرين والأنصار، ولم أبلغ بهذا أحدًا
---------------
(¬١) في الأصل: "خديج" بالخاء المعجمة، وصوابه من جمهرة الأنساب لابن حزم ص ٤٢٩ وأسد الغابة ج ٥ ص ٣٠٦، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ج ٣ ص ١٤٩.

الصفحة 68