كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

فإنها لا تحل له ما دام مشركا. ورجع أبو العاص إلى مكة فأدى إلى كل ذى حَقٍّ حقهُ ثم أسلم، ورجع إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مسلمًا مهاجرًا سنة سبع من الهجرة، فردَّ عليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، زينب بذلك النكاحِ الأول.
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى، عن معروف بن الخَرَّبُوذِ (¬١) المكى، قال: خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشام، فذكر امرأته زينب بنت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأنشأ يقول:
ذَكَرْتُ زَيْنَبَ لَمَّا وَرّكَت إِرَمَا ... فقلت سَقْيًا لشخصٍ يَسْكُنُ الحَرمَا
بنتُ الأمين جزاها الله صالحةً ... وكلُّ بَعْلٍ سَيُثْنى بالذى عَلِمَا (¬٢)
قال محمد بن عُمر: وكان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: مَا ذَمَمْنَا صِهْرَ أَبِى العاص.
قال: أخبرنا عبد الوهّاب بن عطاء العِجْلى، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشَّعْبى، قال: خرج أبو العاص بن الرَّبيع إلى الشام في أموال لقريش وله، ثم أقبل في العِيرِ فَسَمعَ به ناسٌ من المسلمين فَتَهَيَّئُوا ليخرجوا إليه فيضربُوا عُنُقَهُ ويأخذوا ما معه من المال. فَسَمِعتْ بذلك زينبُ فقالت: يا رسول الله، أَلَيس عقدُ المسلم وَعَهدُهم واحدًا؟ قال: بَلى. قالت: فإنى أُشْهِدُ الله أَنى قد آمنتُ أبا العاص. فخرج الناس عُزلًا فقالوا: يا أبا العاص، أنت في بيت من بيوت قريش وأنت خَتَنُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم على هذه الأموال التي معك تصير لك. قال: أتأمروننى أن أفتح دينى بغدرةٍ! فانطلق فأتى مكةَ فدفع إلى كُلِّ ذِى حَقٍّ حَقَّه. ثم قال: يا أهلَ مَكَّةَ أبرئت لي أمانتى؟ قالوا: نعم. قال: فإنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله. قال: فرجع إلى زينب بالنكاح الأول (¬٣).
---------------
(¬١) خرَّبُوذ: بفتح المعجمة وتشديد الراء ثم موحدة مضمومة وواو ساكنة وذال معجمة (كذا ضبط بالعبارة ابن حجر في التقريب).
(¬٢) البيتان في معجم الشعراء للمرزبانى ص ٢١٣، وفى تاريخ عساكر (مختصر ابن منظور). ج ٢٩ ص ٤٤.
(¬٣) أخرجه ابن عساكر: المختصر ج ٢٩ ص ٤٦ - ٤٧.

الصفحة 7