كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

الناس عندي في حقٍّ يجبُ لله عليه. فإذا جاءك كتابى هذا فابعث به في عباءَةٍ على قَتَب حتى يُعْرَف سوء ما صنع.
فبعثت به كما قال أبوه، وأقرأتُ ابنَ عمر كتاب أبيه، وكتبت إلى عمر كتابًا أعتذرُ فيه. وأخبره أنى ضربته في صحن دارى، وبالله الذي لا يحلَفُ بأعظم منه إِنى لأقيم الحدودَ في صحن دارى على الذِّمِّيّ والمسلم. وبعثتُ بالكتاب مع عبد الله بن عمر. فقال أسلم: فَقُدِمَ بعبد الرحمن على أبيه، فدخل عليه، وعليه الحدّ مرة فما عليه عباءةٌ، ولا يستطيع المشي من مَرْكَبه، فقال: يا عبد الرحمن، فعلتَ وفعلتَ! السِّيَاط! فكَلَّمَه عبدُ الرحمن بن عَوفٍ، فقال: يا أميرَ المؤمنينَ قد أقيم عليه الحدّ مرّة فما عليه أن تُقِيمَهُ ثانيةً! فلم يلتفت إلى هذا عُمَرُ، وبرّزَة (¬١)، فجعل عبد الرحمن يصيح! إِنِّي مريضٌ، وأنت قاتلى فضربَهُ الثانيةَ الحَدّ، وحَبسهُ ثم مرِضَ فمات *).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنى شُرَحْبِيل بن أَبِى عون، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن المِسْوَر بن مَخْرَمةَ، قال: لما توفى عمر بن الخطاب وولى عثمان بن عفان كَتَبَ إلى عمرو بن العاص فَأَقَرّهُ عَلَى مصر، فكتب إليه عَمْرو يُخبره بما نال المسلمون من المغرب، وأنهم بلغوا باب قَابِس فأصابوا أموالًا عظامًا، وأنه ليس بين باب قابس وإفريقية إلا أربع ليال، فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزيها المسلمين فعل، فكتب إليه عثمان: إنى غيرُ فاعل، فأضرب عَمْرو عن ذكرها.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر، عن أَبِى عون مَولى المِسْور، قال: وحدّثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: وحدّثنا أسامة بن زيد اللَّيثى، عن يزيد بن أَبِى حَبِيب، قال: عَزَل عثمانُ بن عفان عَمْرَو بن العاص عن خراج مصر وَأَقَرَّهُ على الجندِ والصَّلَاةِ، وَوَلَّى عبدَ الله بن سعد بن أَبي سَرْح الخراج فتباغيا، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان أَنّ عَمْرًا قد كسرَ عَلَيَّ الخراجَ. وكتبَ عَمْرُو بن العاص إلى عثمان أنّ عبدَ الله بن سعد قد كسرَ عليّ
---------------
(¬١) بَرَّزه: أظهره وبَيَّنه: ولدى ابن عساكر "وزبره".

الصفحة 73