كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن معاوية بن قُرّة المُزَنى قال: حدّثني أبو حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن عَمْرو أنّه حدّثه أنّ أباه أوصاه قال: يا بُنَيّ إذا مِتّ فاغسلنى غَسْلَةً بالماء، ثمّ جَفّفْنى في ثوب، ثمّ اغسلنى الثانية بماء قَراح، ثمّ جَفّفْنى في ثوب، ثمّ اغسلنى الثالثة بماء فيه شئ من كافور ثمّ جَفّفْنى في ثوب، ثمّ إذا ألبستنى الثياب فأزِرّ عَلَيّ فإنّى مُخاصم، ثمّ إذا أنت حملتَنى على السرير فامْش بي مَشْيًا بين المِشْيتَيْنِ، وكن خلف الجنازة فإنّ مُقَدّمَها للملائكة وخلفها لبنى آدم، فإذا أنت وضعتَنى في القبر فسُنّ عَلَيّ التراب سَنًّا، ثمّ قال: اللهم إنّك أمرتنا فرَكِبْنا ونهيتَنا فأضَعْنا فلا برئٌ فأعتذر ولا عزيزٌ فأنتصر ولكن لا إله إلّا الله. ما زال يقولها حتى مات (¬١).
قال: أخبرنا عليّ بن محمد القُرَشِيّ عن عليّ بن حمّاد، وغيره، قال: قال معاوية بن حُدَيْج: عُدْتُ عمرو بن العاص وقد ثقل فقلتُ: كيف تجدك؟ قال: أذوب ولا أثوب وأجد نَجْوِى أكثر من رُزْئى، فما بقاء الكبير على هذا؟
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكَلْبى، عن عَوانة بن الحكم، قال: كان (¬٢) عمرو بن العاص يقول: عَجَبًا لمَن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه، فلمّا نزل به قال له ابنه عبد الله بن عمرو: يا أبَتِ إنّك كنتَ تقول عجبًا لمَن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه فصِفْ لنا الموت وعقلك معك، فقال: يا بُنَيّ، الموت أَجَلُّ مِنْ أن يُوصَف ولكنّى سأصف لك منه شيئًا، أجدنى كأنّ على عنقى جبالَ رَضْوَى (¬٣)، وأجدنى كأنّ في جوفى شوك السُّلَّاء (¬٤)، وأجدنى كأنّ نفَسى يخرج من ثَقْبِ إبْرَةٍ (¬٥).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي يحيَى، عن عمرو
---------------
(¬١) الخبر لدى ابن عساكر في تاريخه كما في المختصر.
(¬٢) كان: سقطت من ل وهي في ث ومختصر ابن عساكر الذي ينقل هنا عن ابن سعد.
(¬٣) رضوى: جبل، وهو من ينبع على مسيرة يوم ومن المدينة على سبع مراحل (ياقوت).
(¬٤) السُّلَّاء: شوك.
(¬٥) الخبر بسنده ونصه لدى ابن عساكر في تاريخه كما في المختصر.

الصفحة 81