كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 5)

فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: إنّك لا تستطيع ذلك فأفْطِرْ وصُمْ ونَمْ وقُمْ، وصم من الشهر ثلاثة أيّام فإنّ الحسنةَ بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر، قال قلتُ: إنى أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: صم يومًا وأفطر يومين، قال: إنى أطيق أفضل من ذلك [قال: صم يوما وأفطر يوما، كذلك صام داود، وهو أعدل الصيام. قال: قلت: إنى أطيق أفضل من ذلك] (¬١)، فقال: لا أفضل من ذلك.
قال: أخبرنا عبد الله بن بكر بن حَبِيب السَّهْمِيّ مِنْ بَاهِلَة، قال: حدّثنا حاتم بن أبي صَغِيرَةَ، عن عَمْرو بن دِينَار، قال: قال عبد الله بن عمرو لما أسنّ ليتنى كنتُ أخذَتُ برخصة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال وكان من تلك الأيّام يوم من أيّام التشريق فدعاه عمرو فقال: . هَلُمّ إلى الغذاء، قال: إنى صائم، قال: ليس لك ذلك لأنّها أيّام أكْلٍ وشُرْبٍ. قال وسأله: كيف تقرأ القرآن؟ قال: أقرأه كلّ ليلة، قال: أفلا تقرأه في كلّ عشر؟ قال: أنا أقوى من ذلك، قال: فاقرأه في كلّ ستّ.
قال: أخبرنا محمد بن بكر البُرْسانى، قال: حدّثنا ابن جُريج، قال: أخبرني سعيد بن كَثِير، أنّ جعفر بن المطّلب أخبره أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص دخل على عمرو بن العاص في أيّام مِنًى فدعاه إلى الغداء فقال: إنى صائم، ثمّ الثانية فكذلك، ثمّ دعاه الثالثة فقال: لا إلّا أن تكون سمعتَه من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإنّى سمعتُه من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
قال: أخبرنا عَبِيدَةُ بن حُمَيْد، عن عَطاء بن السَّائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عَمْرو، قال: قال لي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يا عبد الله بن عمرو في كم تقرأ القرآن؟ قال قلتُ: في يوم وليلة، قال فقال لي: ارْقُدْ وَصَلّ، وارقد واقرأه في كلّ شهر، فما زلتُ أناقضه ويناقضنى (¬٢) حتى قال: اقرأه في سبع ليالي. قال ثمّ قال لي: كيف تصوم؟ قال قلتُ: أصوم ولا أفطر، قال فقال لي: صم. وأفطر وصم ثلاثة أيّام من كل شهر. فما زلتُ أناقضه ويناقضنى حتى قال لي: صم
---------------
(¬١) ما بين الحاصرتين ساقط من ل.
(¬٢) كذا في ل. ولدى ابن عساكر "أناقصه ويناقصنى" وفى ث "أناقصه وينقصنى" وفوق صاد الكلمة علامة الإهمال للتأكيد هذا وقد آثرت قراءة "ل" اعتمادا على ما ورد لدى ابن الأثير في النهاية (نقض) وفى حديث صوم التطوع "فناقَضنى وناقَضْتُه" هي مُفَاعَلَة، من نقض البناء، وهو هَدْمُه: أي ينقض قولى، وأنقُضُ قوله، وأراد له المراجعة والمرُادَدَة.

الصفحة 85