كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 6)

آمن لأن رسول الله صب كان إذا أوذى وهو بمكّة فدخل دار أبي سفيان أمن. فقال النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يوم فتح مكّة: مَن دَخل دار أبي سفيان فقد أمن.
قال: أخبرنا محمّد بن عُبيد قال: حدَّثَنَا إسماعيل بن أَبِي خالد عن أبي إسحاق السَّبِيعِيّ أن أبا سفيان بن حرب بعد فتح مكّة كان جالسًا فقال في نفسه: لو جمعت لمحمد جمعًا، قال: إنه لَيحَدِّث نَفْسَه إذ ضَرَبَ النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، بين كتفيه وقال: إذا أخزاك الله، قال: فرفع رأسه فإذا النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قائم على رأسه فقال: ما أيقنت أنك نبى حتَّى الساعة إن كنتُ لأحدث نفسى بذلك.
قال: أخبرنا الفَضْلُ بن دُكَين أبو نُعَيم ومحمّد بن عبد الله الأسدى قالا: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السَّفَر قال: لمّا رأى أبو سفيان [النَّاس]. يطئون عَقِبَى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حسده، فقال بينه وبين نفسه لو عاودت هذا الرجل، فجاء رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى ضرب بيده في صدره ثمّ قال: إذا يُخْزِيك الله، إذا يُخْزِيك الله! فقال: أتوب إلى الله وأستغفره، والله ما تفوهت به، ما هو إلا شيء حدثت به نفسى (¬١).
قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأَزْرَقِى المكى، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الرِّجال عن عبد الله بن أبي بكر بن حَزْم قال: خرج النبيّ، - صلى الله عليه وسلم - ملتحفًا بثوب مِن بعض بيوت نسائه وأبو سفيان جالس في المسجد، فقال أبو سفيان: ما أدرى بم يَغْلِبنا محمّد؟ فأتى النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى ضَرَبَ في ظَهْرِه وقال: بالله يغلبك. قال أبو سفيان: أشهدُ أنك رسول (¬٢) الله.
قال: قال محمّد بن عمر: وشَهِدَ أبو سفيان الطائف مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ورمى يومئذ فذهبت إحدى عينيه، وشَهِدَ يوم حنين، وأعطاه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مِن غنائم حنين مائة مِن الإبل وأربعين أوقيّة وَزَنَها له بلال، فلمّا أعطاه وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية، قال له أبو سفيان: والله إنك لَكِريم فداك أبي وأمى، لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ثمّ سالمتك فَنِعْمَ المسالم أنت، فجزَاكَ الله خيرًا (¬٣).
---------------
(¬١) ابن حجر في الإصابة ج ٣ ص ٤١٣ وهو ينقل عن ابن سعد، وما بين الحاصرتين منه.
(¬٢) انظره في مختصر ابن عساكر لابن منظور ج ١١ ص ٦٢.
(¬٣) مختصر ابن عساكر لابن منظور ج ١١ ص ٥٠

الصفحة 10