قال: وقدم في فداء سهيل بن عَمْرو: مِكْرَز بن حفص بن الأخْيَف، فانتهى إلى رضاهم فيه أرفع الفداء أربعة آلاف، فقالوا: هات مالنا فقال: نعم، اجعلوا رجلًا مكان رجل، وخلوا سبيله - يعني خذونى مكانه رهنًا حتى ورسل إليكم بفدائه - فخلوا سبيل سهيل، وحبسوا مكرز بن حفص، فبعث سهيل بالمال مكانه من مكة (¬١).
وسهيل بن عمرو هو الذي خرج إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بالحديبية، فكلمه عن قريش بما كلمه به من إبائهم أن يدخلها رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عليهم عامه ذلك، واصطلح رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وسهيل على القضية التي كتبوها بينهم، على أن ويرجع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عامه ذلك ولا يدخل مكة عامه ذلك، ولا يدخل مكة ويرجع قابل فيدخلها معتمرًا بسلاح المسافر، السيوف في القرب، وعلى الهدنة التي كانت بينهم، فرضيت قريش بما صنع سهيل، وأقام سهيل على دين قومه حتى كان فتح مكة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبيه قال: قال سُهَيل بن عَمْرو: لما دخل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مكة اقْتَحَمْتُ (¬٢) بيتي، وغلقت عَلَيَّ بابى، وأرسلت إلى ابنى عبد الله بن سُهَيل أن اطلب لي جِوارًا من محمد فإنى لا آمن أن أُقْتل. فذهب عبد الله إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أَبِى تُؤَمِّنه؟ قال: نعم، هو آمِنٌ بأمان الله فليظهر. ثم قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لمن حوله: من لقى سهيل بن عمرو فَلَا يُشد النَّظَرَ إليه، فلعَمرى إِن سهيلًا له عقل وشرف، وما مثل سُهَيل جَهل الإسلام. فخرج عبد الله بن سهيل إلى أبيه فخبره بمقالة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال سهيل: كان والله بَرًّا، صغيرًا، وكبيرًا! فكان سهيل يُقبل ويُدبر آمنًا، وخرج إلى حُنين مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو على شركه، حتى أسلم بالجِعِرّانة، فأعطاه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يومئذ من غنائم حُنَيْن مائة من الإبل.
---------------
(¬١) أورده الواقدي في المغازي ج ١ ص ١٤٣
(¬٢) لدى الواقدي ج ٢ ص ٨٤٦ الذي ينقل عنه المصنف "انقحمت" أي رميت بنفسى فيه.