قال: أخبرنا حُميد بن عبد الرحمن الرّؤَاسِيّ عن عبد الله بن المُؤَمَّل عن عمر بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِن (¬١).
قال: وأخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا إبراهيم بن نافع عن ابن أبي حسين قالا: كتَب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى سُهَيل بن عمرو أن أهْدِ لنا من ماء زمزم ولا تتركنَّه، قال: فأرسل إليه بمزادتين مَمْلُوءَتَينْ من ماء زمزم. قال ابن أبي حسين: وجعل عليها كُرًّا (¬٢) غوطيًّا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدَثنى فَروة بن زييد بن طوسا قال: حدّثني سَلَمة بن أَبِى سَلمة بن عبد الرحمن بن عَوت عن أبيه عن أبي عمرو بن عَدِيّ بن الحَمراء الخُزَاعِيّ قال: نظرتُ إلى سُهَيل بن عَمرو يوم جاء نعى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى مكة وقد تقلّد السيف، ثم قال: فَخَطبنا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة كأنه سمعها فقال: يا أيها الناس مَن كان يعبدُ محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبدُ الله فإن الله حي لا يموت، وقد نَعى الله نبيكم إليكم وهو بين أظهركم ونَعَاكم إلى أنفسكم، فهو الموت حتى لا يبقى أحد. ألم تعلموا أن الله قال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [سورة الزمر: ٣٠]، ثم قال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [سورة آل عمران: ١٤٤]، وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [سورة الأنبياء: ٣٥]، ثم تلا: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص: ٨٨] فاتقوا الله واعتصموا بدينكم، وتوكّلوا على ربكم، فإن دين الله قائم، وكلمة الله تامة، وإن الله ناصر مَن نَصَره، ومُعز دينه، وقد جمعكم الله على خيركم. فلما بلَغ عُمر كلام سُهيل بمكة قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما جاء به حق. هذا هو المقام الذي عنى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حين قال لي: يقوم مقامًا لا تكرهه.
---------------
(¬١) مُحَيْصِن: تحرف في الأصل إلى "مَحِيص" وصوابه من التقريب.
(¬٢) أمامها في حاشية الأصل: الكرّ: السِّتر. ولدى ابن الأثير في النهاية (كرر) في حديث سهَيل بن عمرو "حين استهداه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ماءَ زمزم فاستعانت امرأته بأثيلة، ففرتا مزادتين وجعلتاهما في كُرّين غُوطِيَّين" الكُرّ. جنس من الثياب الغِلاظ.