قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَين قال: حدّثنا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أَبِي فَرْوَة قال: خَطبنا معاوية وعليه بُرد أخضر.
قال: أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف قال: نَظَرَ أبو سفيان يومًا إلى معاوية وهو غلام، فقال لهند: إن ابنى هذا لعطم الرأس، وإنه لَخَلِيق أن يسود قومه! فقالت هند: قومه فقط؟ ! ثَكِلْتُهُ! إنْ لم يَسُد العرب قاطبة! وكانت هند تحمل معاوية وهو صغير وتقول:
إنّ بُنَيَّ مُعرقٌ كريم ... مُحَبَّب في أهله حَلِيمُ
ليس بفَحَّاش ولا لَئِيم ... ولا بِطحرور ولا شَئوم
صخرُ بَني فِهر به زَعيم ... لا يخلف الظن ولا يخيم
قال: فلمّا ولى عمر بن الخطّاب يزيد بن أبي سفيان ما ولّاه مِن الشأم خرج إليه معاوية فقال أبو سفيان لهند: كيف رأيت؟ صار ابنك تابعًا لابنى! ، فقالت: إن اضطربَ حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابنى.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني مَعْمَر عن الزُّهْرى قال: توفى يزيد بن أبي سفيان بدمشق، فَكُتِبَ إلى عمر بن الخطّاب بنَعِيه، فجاء عمر بن الخطاب إلى أبي سفيان، فإذا هند بنت عُتبة امرأته تهنى أهبة (¬١) لها في المَنِيئَة فقال: أين أبو سفيان؟ فقالت هند: ها هو ذا - وكان ناحية مِن البيت - فقال: احتسبا واصبرا. قالا: مَنْ يا أمير المؤمنين؟ قال: يزيد بن أبي سفيان. فقالا: مَن استعملت على عمله؟ قال: معاوية بن أبي سفيان. قالا: وَصَلَتْكَ رَحِم، وإنا لله وإنا إليه راجعون (¬٢).
قال الزهرى: إنما ولّاه عمل يزيد ولم يفرد له الشأم، حتَّى كان عثمان فأفردَ له الشأم.
قال محمّد بن عمر: هذا الأمر المجتمِع عليه عندنا لا اختلاف فيه.
قال محمّد بن عمر: وقد روى لنا ابن أبي سَبْرَة عن إسماعيل بن أُميّة: أن
---------------
(¬١) الأهبة: الجلد ما لم يدبغ. ويقال له ما دام في الدباغ: مَنِيئَة.
(¬٢) تاريخ ابن عساكر كما في مختصر ابن منظور ج ٢٥ ص ١٧.