قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى فَرْوَة (¬١) بن زُبيد، عن عبّاس بن سهل بن سعد، قال: سمعت ابن الزبير يوم الثلاثاء يقول: ما أَرَانِي اليوم إِلَّا مقتولًا، ولقد رأيت في ليلتى هذه كأن السماء فُرِجَت لى فدخلتها، فقد والله مَللتُ الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكنًا نون والقلم حرفًا حرفًا، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك (¬٢).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى عبد الملك بن وهب، عن شيخ من أسْلَم، قال: سمعتُ ابن الزبير يقول يوم قُتل: والله لقد مللتُ الحياة، ولقد جاوزتُ سِنّ أبي، هذه لى ثنتان وسبعون سَنَة. اللهم إنى قد أحببتُ لقاءك فأحبب لقائى، وجاهدتُ فيك عدوك فأثبنى ثَوابَ المجاهدين. قال: فَقُتِلَ ذلك اليوم (¬٣).
قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حَدَثَّنَا عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عروة، قال: جلس ابن الزبير يوم الثلاثاء فَخَفَقَ خَفْقَة، فتغامزَ به بعض مَن كان عنده بنعسته تلك، ففتح عينيه فقال: "شيخٌ كبير عَلّ، قد عاش حتّى مَلّ، اللهم إذا قبضتُ رِجلى فلا أبسطها، وإذا بسطها فلا أقبضها.
---------------
(¬١) في الأصل "قرَّة بن زبيد" ومثله في المطبوع. وأشار إليه محقق المطبوع في الهامش بقوله: "قرَّة بن زبيد، لم أجد له ترجمة" قلت: ومنشأ ذلك أن الاسم محرف، وعلى هذا لن توجد له ترجمة. وهكذا تسرع محقق المطبوع في حكمه دون إعمال فِكْرٍ أو رَويّة. وجميع ما ذكر بالأصل والمطبوع وحاشيته خطأ، صوابه في جمهرة من محب الرجال والتراجم، منها على سبيل المثال ما ورد لدى ابن عساكر في تاريخ دمشق ص ٤٦٩ وهو ينقل عن ابن سعد " ... حَدَثَّنَا محمّد بن سعد، أخبرنا محمّد بن عمر، حدثنى فَرْوَة بن زُبيد - وأصلحه ابن حيويه: قُرّة، وهو خطأ - عن عبّاس بن سهل ... ".
وفى ثقات ابن حبان ج ٩ ص ١١ "فَرْوَة بن زُبيد" ومثله لدى ابن حاتم في الجرح والتعديل ج ٧ ص ٨٣، وكذا لدى ابن ماكولا ج ٥ ص ٢٤٥، والذهبى في تاريخ الإسلام حوادث سنة ٧٣ هـ.
وسير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٧٨، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ج ٦ ص ٣٢.
هذا وقد تحرف "فَرْوَة بن زبيد" في كل من ميزان الاعتدال ج ٣ ص ٣٨٧، ولسان الميزان ج ٤ ص ٤٧٢ إلى "قُرَّة بن زبيد" فليحرر.
(¬٢) أورده ابن عساكر في تاريخه ص ٤٦٩ بسنده ونصه نقلًا عن ابن سعد، والذهبى في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٧٨.
(¬٣) علق عليه محقق المطبوع بقوله: "لم أقف على من خرجه غير المصنف، وهكذا تسرع في الحكم دون إعمال فكرٍ أوْ رَوِيّة. والخبر أورده ابن عساكر بسنده ونصه ص ٤٧٠ من طريق الواقدى.