كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 6)

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني مَعْمَر بن راشد عن الزُّهْرِى عن ابن المُسَيِّب وعروة بن الزبير قالا: حدَّثَنَا حَكِيم بن حِزام قال: سألت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بحنين مائة من الإبل فأعطانيها، ثمّ سألته مائة فأعطانيها، ثمّ قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: يا حكيم إن هذا المال خَضرة حُلوة، فمن أخذه بسَخَاوة نَفْس بُورِك له فيه، ومَن أخذه بإشراف نَفْس لم يُبارَك له فيه وكان كالذى يأكل ولا يشبع، واليدُ العُليا خيرٌ من اليد السُّفلى وابدأ بمن تَعول. قال: فكان حكيم يقول: والذى بَعَثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتَّى أُفارِق الدنيا. فكان أبو بكر الصّدّيق يدعو حكيمًا ليعطه فيأبى يقبل منه شيئًا، وكان عمر يدعو حكيمًا إلى عَطَائه فيأبَى يأخذه، فيقول عمر: أيّها النَّاس أشهدكم على حكيم أنى أدعوه إلى عطائه فيأبَى يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من النَّاس شيئًا بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى توفى (¬١).
قال: أخبرنا يحيى بن خُلَيف بن عُقْبة قال: حدَّثَنَا ابن عَوْن عن محمّد قال: أُتِى النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، بمال، فأتى رجل فسأله، فحثا له، ثمّ قال: أزيدك؟ ! فقال؟ نعم. فحثا له، ثمّ قال: أزيدك؟ ! فقال: نعمِ. قال: فحثا له. ثمّ قال: أزيدك؟ ! فقال: نعم. قال: فحثا له. ثمّ قال: أبْقِ لمن بَعْدَك. قال: ثمّ أتاه حَكِيم بن حِزَام فأراد أن يحثى له فقال: يا رسول الله، أَخْذُهُ خَيْرٌ أم تَرْكُهُ؟ ! قال: لا بل تَرْكُه. قال: فَتَرَكَه. ثمّ قال: والله لا أقبل عطية أحدٍ بعدك.
أخبرنا هشام أبو الوليد الطَّيَالسى قال: حدَّثَنَا لَيث بن سعد قال: أخبرنا بُكير بن عبد الله عن الضَّحّاك بن عبد الله (¬٢) بن خالد بن حِزام عن حَكِيم بن حِزام أنه أعان بفرسين يوم حُنين فأصيبا، فأتى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن فَرسَيَّ أصيبا فَعِضْنى فأعطاه، ثمّ استزاده فزاده، ثمّ استزَاده، فقال النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: يا حَكِيم بن حِزام، إن هذا المال خَضرة حُلوة، فمن سأل النَّاس أعطوه، والسائل فيها كالآكل ولا يشبع.
---------------
(¬١) انظره في مختصر ابن عساكر ج ٧ ص ٢٣٧.
(¬٢) الضحاك بن عبد الله: تحرف في الأصل إلى "الضحاك بن عبد الرحمن" وصوابه من التاريخ الكبير للبخارى، ج ٤ ص ٣٣٤.

الصفحة 52