محمد بن جُبَير بن مُطْعِم عن أبيه عن جده قال: كنتُ جالسًا مع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في مسجده منصرفه من الجِعِرَّانة، فطلع هَبّار بن الأسود من باب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلما نَظَرَ القوم إليه قالوا: يا رسول الله، هَبّار بن الأسود! فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: قد رأيته. فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن اجلس، فوقف عليه هَبّار فقال: السلامُ عليك يا رسول الله، إنى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ولقد هربتُ منك في البلاد، وأردتُ اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرتك وعائذتك وفضلك وبرّك وصَفْحَك عمّن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك، فَهَدَانا الله بك وتنقذنا بك من الهَلَكَة، فاصفَح عن جهلى وعما كان يبلغك عَنّى، فإنى مُقرٌ بسوأتى معترف بذنبى. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: وقد أحَسَن الله بك حيث هَدَاك للإسلام، والإسلام يَجُبّ ما كان قبله (¬١).
قال محمد بن عمر: وخرجت سلمى مولاة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: لا أنعم الله بك عينًا! أنت الذي فعلتَ وفعلتَ، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، : إن الإسلام مَحَا ذلك، ونَهَى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن سَبِّه والتعرّض له (¬٢).
قال: أخبرنا سُفْيان بن عُيَيْنَة عن ابن أَبِى نَجِيح أن هبَّار بن الأسود وكان امرءًا كافرًا، تناول زينب بنت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بطعنة فأسْقَطَت، فبعث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، سَرِيّة فقال: إن أخذتموه فاجعلوه بين حُزمتين حطب ثم ألقوا فيها النار، ثم قال: سبحان الله! لا ينبغي لأحدٍ أن يعذّب بعذَاب الله، إن أخذتموه فاقطعوا يده، ثم اقطعوا رجله، ثم اقطعوا يده، ثم اقطعوا رجله، فلم تُصِبْه السرية وأَصَابَه الإسلامُ، فهاجر إلى المدينة وكان رجلًا سبًّا، فأتى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له هُوَ ذَا هَبّار يُسَب ولا يَسُب، فأتاه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يمشى حتى قام عليه فقال: سُبَّ مَنْ سَبّك، سُبَّ مَن سَبَّك.
* * *
---------------
(¬١) أورده الواقدي في المغازي ص ٨٥٨.
(¬٢) نفس المصدر ص ٨٥٧.