كتاب الطبقات الكبرى - ط الخانجي (اسم الجزء: 6)

قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النَّهْدِيّ قال: حَدَثَّنَا حِبَّانُ بن علي العَنَزِيّ عن مُجَالِد بن سعيد عن عامر الشعبى قال: أول مَن كتبَ بالعربية حَرب بن أُميّة بن عبد شمس أبو أبي سفيان، قال: قيل له: ممن تَعَلَّم؟ قال: مِن أهل الحيرة. قيل له: ممن تعلم أهل الحيرة؟ قال: من أهل الأنبار.
قال: قال محمّد بن عمر: ولم يزل أبو سفيان بن حرب على الشِّرك حتَّى أسلم يوم فتح مكّة، وهو كان في عير قريش التي أقبلت مِن الشأم وخرج رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يعترض لها حتَّى ورد بدرًا، وَسَاحَلَ (¬١) أبو سفيان بالعير وبعث إلى قريش بمكّة يخبرهم أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد خرج يَعْتَرِض لِعِيرِهم ويأمرهم أن ينفروا إليه، فنفروا وخرجوا حتَّى لقوا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ببدر، ونجا أبو سفيان بالعير، ولم يخرج مع قريش أحد مِن بنى زُهْرَة ولا مِن بنى عَدِيّ بن كَعْب. فقال لهم أبو سفيان: لا في العير ولا في النفير. فهو أوّل مَن قال هذه الكلمة (¬٢)، وهو كان على رأس المشركين يوم أُحُد، وهو كان رأس الأحزاب يوم الخَنْدَق، وقبل ذلك ما وَاعَدَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يوم أُحد أن يلتقوا ببدر الموعد على رأس الحول! ! فوافى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في المسلمين، ولم يُوَافِ أبو سفيان ولا أحد مِن المشركين ولم يزل أبو سفيان بعد انصرافه عن الخندق بمكّة لم يلق رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في جمع إلى أن فتح رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مكّة فأسلم أبو سفيان، وقد كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بعث إليه قبل أن يُسلم بمال يقسمه في قريش لمّا بلغ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مِن حاجتهم.
قال: أخبرنا إسحاق بن يونس الأزرق وَوَكيع بن الجَرّاح عن سفيان عن يونس بن عُبيد عن عِكْرِمَةَ أن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، بعث إلى أبي سفيان بن حرب وأناس مِن قريش مِن المشركين بشئ فَقَبِلَ بعضهم وَرَدَّ بعض، فقال أبو سفيان: أنا أقبل ممن رَدَّ. قال: ثمّ بعثَ أبو سفيان إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بسلاح وأشياء فَقَبِلَ منه.
---------------
(¬١) قرأها محقق ط "وسلسل" وصواب القراءة من النص، وانظر: لذلك مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور ج ١١ ص ٥٠، ولدى ابن الأثير في النهاية (سحل) وفى حديث بدر "فَسَاحَل أبو سفيان بالعير" أي أتى بهم ساحلَ البحر.
(¬٢) انظره لدى الواقدي في المغازي، ص ٤٥.

الصفحة 7