ابن أبي جهلِ، هذا ابن أبي جهل! قال: ودخل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في خلال ذلك، فذكرتْ ذلك له أمُّ سَلَمَة، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في مقالته: ما بالُ أقوام يؤذون الأحياء بشتم الأمْوات، ألا لا تؤذوا الأحياء بشتم الأموات.
قال: أخبرنا سليمان بن حَرْب وعَارِم بن الفَضل قالا: حدّثنا حَمَّاد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن أَبِى مُلَيْكَة: أن عِكْرِمَةَ بن أبي جهل كان إذا اجتهد في اليمين قال: لا والذى نجانى يوم بدر (¬١).
قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أَبِى مُلَيْكَة: أن عِكْرِمَةَ بن أبي جهل كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربى. كتاب ربى (¬٢).
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدّثني أبو يونس القُشَيْرِيّ قال: حدّثني حَبِيبُ بن أَبِى ثابت: أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وَعيّاش بن أَبِى رَبيعَة ارْتُثُّوا (¬٣) يوم اليَرْمُوك، فدعا الحارث بماء يشربه فنظر إليه عِكْرِمَة، فقال الحارث: ادفعوه إلى عِكْرِمَة، فنظر إليه عَيَّاشُ بن أَبِى رَبِيَعة، فقال عِكْرِمةُ: ادفعوه إلى عَيَّاش، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم، حتى ماتوا وما ذاقوه.
قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فأنكره وقال: هذا وَهْم، روايتنا عن أصحابنا جميعًا من أهل العلم والسيرة أَنّ عِكْرِمَة بن أبي جهل قُتل يوم أَجْنَادِينَ شهيدًا في خلافة أبى بكر الصديق ولا خلاف بينهم في ذلك (¬٤)، وأما عياش بن أبي ربيعة فمات بمكة، وأما الحارث بن هشام فمات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمانى عشرة، وليس لعكرمة بن أبي جهل عقب.
* * *
---------------
(¬١) أورده ابن الجوزى في صفة الصفوة ج ١ ص ٧٣٠.
(¬٢) نفس المصدر، ص ٧٣١.
(¬٣) لدى ابن الأثير في النهاية (رثث) وفى حديث كعب بن مالك "أنه ارْتُثَّ يوم أُحُد، فجاء به الزبير يقود بزِمام رَاحِلَتِه" الارْتِثاثُ: أن يُحْمل الجريح من المعركة وهو ضعيف قد أثخنته الجِراح. والرَّثيث أيضا: الجريح كالمرتَث.
(¬٤) الخبر أورده ابن عبد البر في الاستيعاب ص ١٠٨٤ من رواية ابن سعد.